تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تجسم الفَخْر فِي تِلك المَعاقِل والجلال والعِزّ والسُّلطان والباسُ

وَماؤُهَا السّلْسَبيلُ العَذبُ باكره ريحٌ هو المسْكُ أنْفاسٌ بأنْفاسِ

فينتبه (محمد بن العباس القباج) إلى هذا العيب، فيقول منتقدا: \' أي شعر هذا مع الإقواء الظاهر القافية الأخيرة؟ \' [32].

ويضطر الشاعر إلى الدفاع عن نفسه، فيرد على القباج قائلا: \' قرأ قولنا في أبيات مكناس:

وماؤها السلسبيل العذب باكره ريح هو المسك أنفاس فأنفاس [33]

بباء الجر بدل فاء العطف، فكتب (أنفاس) (بأنفاس)، وقال إن الإقواء ظاهر في القافية الأخيرة، والأبيات في الجزء الأول من تاريخ الشريف المذكور بصحيفة 246، لا إقواء فيها ولا إيطاء \' [34].

ويقول عباس الشرفي:

تَغيبُ ولكنْ لا تَغيبُ عنِ القَلْبِ وَتظهَرُ مِنْ بُعْدٍ كمَا أنْتَ في القُرْبِ

يُواجِهُك الإسْعادُ واليُمْنُ حيثُما حَللْتَ وعَيْنُ اللهِ تَرْعاكَ عَنْ كَتْبِ

لقَدْ كنْتَ نوراً في الرِّباطِ وحَوزِهِ ومَذْ غِبْتَ صِرْنا فِي ظلامٍ وَغَيهَبِ

ويتنبه (القباج) إلى هذا النشاز الظاهر في الأبيات فينتقد الشاعر الذي لم يملك ناصية الوزن، قائلا: \' وسامح الله الشاعر فلم يكد يصل إلى البيت الثالث حتى نفرت القافية من بيتيها الأولين، وفرت بعد سكون، واضطربت الرنة الموسيقية اللازمة للشعر، فبرد الدم الذي أوشك أن يفور، وخمدت الأعصاب قبل أن تثور \' [35].

تنبه (القباج) بحسه الموسيقي المرهف إلى هذا النشاز في الأبيات، لكنه لم يحدده، ولم يسمه. وإذا أردنا توضيح ذلك نقول إن قصيدة عباس الشرفي البائية مبنية على قافية مطلقة موصولة بياء، مجردة من الردف والتأسيس. أما نوعها في البيتين الأولين فهي من المتواتر (قرب – 0 – 0) و (كتب – 0 – 0)، بيد أنها خرجت عن هذا النوع في البيت الثالث، وأصبحت من المتدارك (غيهب – 0 - - 0)، وهذا عيب من عيوب القافية، لأن الشاعر اختار نوعا من القافية وهو المتواتر فينبغي الالتزام به إلى آخر بيت في القصيدة، وإذا خرج الشاعر عن هذه القاعدة عد فعله عيبا.

* وانتبه النقاد في المغرب إلى خطأ الإيطاء: وهو تكرار الكلمة في القصيدة الواحدة إن كانت قافية، ومن نماذجه قول عبد الملك البلغيثي:

فَهَل سَمِعْتَ حَديثا دارَ بَينَهُما مَاذا طَوى بَيْنَ هذا الصَّمْتِ إبْطانُ [36]

فيعلق (عبد الرحمن الفاسي) قائلا: \' وقد كانت الكلمة في الأصل (كتمان) ولكن الشاعر حولها (إبطان) في جدول التصحيح حتى لا تتكرر القافية، ولكن وقعها على السمع وهي في جهارة التكرار أخف من هذا الإبطان \' [37].

ولم تسلم قصيدة (صرخة الجزائر) لمحمد الحلوي من تكرار بعض القوافي، الشيء الذي يمجه الذوق الشعري السليم وهو الأمر الذي دفع (علي الصقلي) إلى تنبيه الشاعر إلى مثل هذه الأخطاء حتى لا يعود إليها في مستقبل شعره [38].

* ومن الأخطاء التي سقط فيها الشاعر المساري وتصيدها (أحمد بن المامون البلغيثي) ارتكابه لعيب السناد بنوعيه سناد التأسيس وسناد الحذو. وقد انفرد الناقد بذكر هذا العيب حين أشار إلى سناد التأسيس الذي ارتكبه الشاعر في قوله:

واحْذرْ مِنَ الجُلوسِ حَوْلَ بابِهَا خَوفَ البطالَةِ فَكُنْ مُنْتبِها

فقال (البلغيثي): \' وفي البيت سناد التأسيس. والتأسيس ألف بينه وبين الروي حرف، والروي هنا هو الهاء وهو لازم في الشطر الثاني، لكن الناظم أخل به، وذلك هو سناد التأسيس. غير أنهم نصوا على أن أنواع السناد الخمسة كلها جائزة للمولدين \' [39].

ويشير (أحمد بن المامون البلغيثي) إلى عيب سناد الردف، فيعلق على بيت للشاعر المساري يقول فيه:

وَجَعَلَ التَّقْوى أساسَ الخَيْرِ والهَتْك لِلْحرُمِ رَأسَ الشَّرِّ

فيعلق الناقد قائلا: \' واعلم أن في بيت الناظم من عيب القافية سناد الردف، والردف عبارة عن واو أو ياء تكون قبل الروي، فإذا أتى بأحدهما قبل الروي يجب عليه التزامه، وعدم العدول به عن محله. والواو كالياء في كون إحداهما تكون معاقبة للأخرى في القصيدة الواحدة، فلو قال الناظم: (والهتك للحرم رأس الضير) لسلم من ذلك \'. [40]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير