قوله (خَشِينا) في هذا الموضع: كرهنا، لأن الله لا يخشى. وقال في بعض القراءات: فخاف ربك، قال: وهو مثل خفت الرجلين أن يعولا وهو لا يخاف من ذلك أكثر من أنه يكرهه لهما).
وقد ذكر لها الرازي توجيهاً فقال:
(بقي في الآية سؤال، وهو أنه قال: {فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا} وقال: {فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مّنْهُ زكواة} وقال: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} كيف اختلفت الإضافة في هذه الإرادات الثلاث وهي كلها في قصة واحدة وفعل واحد؟
والجواب:
أنه لما ذكر العيب أضافه إلى إرادة نفسه فقال: أردت أن أعيبها.
ولما ذكر القتل عبر عن نفسه بلفظ الجمع تنبيهاً على أنه من العظماء في علوم الحكمة فلم يقدم على هذا القتل إلا لحكمة عالية.
ولما ذكر رعاية مصالح اليتيمين لأجل صلاح أبيهما أضافه إلى الله تعالى، لأن المتكفل بمصالح الأبناء لرعاية حق الآباء ليس إلا الله سبحانه وتعالى).
وذكر لها ابن عاشور توجيهاً آخر فقال:
(والخشية: توقع ذلك لو لم يتدارك بقتله.
وضميرا الجماعة في قوله فَخَشِيَنَا} وقوله {فَأَرَدْنَا} عائدان إلى المتكلم الواحد بإظهار أنه مشارك لغيره في الفعل.
وهذا الاستعمال يكون من التواضع لا من التعاظم لأن المقام مقام الإعلام بأنّ الله أطلعه على ذلك وأمره فناسبه التواضع فقال: {فَخَشِينَا فَأَرَدْنَا}، ولم يقل مثله عندما قال {فَأَرَدتُ أنْ أعِيبَها} لأنّ سبب الإعابة إدراكه لمن له علم بحال تلك الأصقاع.وقد تقدم عند قوله تعالى: {قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذاً لظالمون} في سورة يوسف (79)).
وعندما رجعتُ لكلامه عن آية سورة يوسف وجدته يقول:
وضمائر {نأخذ} و {وجدنا} و {متاعنا} و {إنا} و {لظالمون} مراد بها المتكلم وحده دون مشارك، فيجوز أن يكون من استعمال ضمير الجمع في التعظيم حكاية لعبارته في اللغة التي تكلم بها فإنه كان عظيم المدينة. ويجوز أن يكون استعمل ضمير المتكلم المشارك تواضعاً منه تشبيهاً لنفسه بمن له مشارك في الفعل وهو استعمال موجود في الكلام. ومنه قوله تعالى حكاية عن الخضر عليه السلام {فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً فأردنا أن يبدلهما ربهما} الآية من سورة الكهف (80)).
وهي مسألة اجتهادية طريفة في توجيه جمع الضمير في هاتين العبارتين جديرة بالتأمل والنظر من الجميع فربما يكون لها توجيه أليق مما ذُكِر. وهذا من فوائد مثل هذا البرنامج إن شاء الله، فلم أكن لأنبعث للبحث في توجيه هذا الحرف لولا هذا السؤال من أحد المتصلين جزاه الله خيراً واستدراك أحد المتصلين أيضاً.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[18 Sep 2008, 03:29 م]ـ
أحسن الله إليكم.
وللدكتور السامرائي كلام لطيف في كتابه (نبوة محمد من الشك إلى اليقين) حول سبب اختلاف الضمير في فعل الإرادة في قصة الخضر. وهو يقترب من توجيه الرازي.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[19 Sep 2008, 09:41 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي الفاضل الدكتور عبد الرحمن على إجابتك الدقيقة وحرصك على الرد مع علمي بانشغالك في البرنامج وفقك الله لكل خير وبارك لك في وقتك
إن شاء الله تعالى بعد شهر رمضان نتفرغ ونتشارك لتفريغ الحلقات كتابة حتى يسهل مناقشتها كما تفضلت وأنا مستعدة للمشاركة بالتفريغ بإذن الله تعالى
الحلقات كلها طيبة بفضل الله تعالى لكن حلقة الأمس كانت مميزة بارك الله بكم ونفعنا بعلمكم وبارك بضيوفنا الكرام وزادكم جميعاً علماً وفهماً وتدبراً لكتاب الله تعالى
ـ[أم عبدالباري]ــــــــ[20 Sep 2008, 01:22 ص]ـ
لم يتيسر لنا مشاهدة أي حلقة،، فهل بدء البث التجريبي لموقع دليل الفضائية؟ ونتمنى أن نرى الحلقات في هذا الملتقى المبارك،، وفقكم الله لما يحب ويرضى
ـ[فلاح المطيري]ــــــــ[20 Sep 2008, 05:37 ص]ـ
الحلقات تجدونها مسجلة ويضعها الاخوة وبامكانكم متابعة بث القناة وهي ضمن قنوات الفلك ولازالت في بثها التعريفي
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[30 Sep 2008, 05:00 م]ـ
أنتم من القلائل الذين سنّوا سنة حسنة كهذه في عالم الفضائيات والإعلام. جعلكم الله أئمة هذا الشأن، وأتم علينا وعليكم نعمته. شرُفت بمشاهدة بعض حلقات برامجكم التي تميزت بطابع الجدة والإبداع في تعليم علوم الكتاب العزيز.
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[01 Oct 2008, 02:42 م]ـ
جزاكم الله خيرا ,,وبارك الله فيكم , البرنامج راائع جدا , مع أنه لم يتسن لنا متابعة البرنامج من بدايته بسبب فارق التوقيت ..
أتمنى أن يكون أسبوعي ويتاح المشاركة عن طريق النت بطرح الأسئلة ..
وأؤكد على كون البرنامج مباشر لأن هذا ما ميز البرنامج وزاد من تفاعل الناس معه وأقترح تقليل الكمية المراد الحديث عنها لتعم الفائدة
وأقترح كذلك تنظيم عملية تسجيل الحلقات ومن ثم تفريغها بحيث تكون في متناول الجميع ففي البرنامج من الدرر ما يستحق رحلة .. فلو انتدب بعض أعضاء الملتقى أو بعض المنتديات الخيرة الأخرى لمثل هذا العمل وشكلت لجنة لتفريغ حلقات البرنامج على غرار برامج الشيخ المغامسي في منتديات الصفوة
أعجبني جدا جدا كلامكم مع الدكتور مساعد عن سبب تسمية سورة البقرة بهذا الاسم استشعرت جمال القرآن ورعته حين ذكرتم ما ذكرتم ..
أقترح كذلك أن يكون رديفا أو بديلا لفاصل التعريف بالكتاب انتقاء أغرب الكلمات في الجزء المراد تفسيره ومن ثم عرضها للمشاهدين
وأقترح - ما أكثر اقتراحاتنا! - وضع سؤال أسبوعي لمشاركة المشاهدين بالبحث والقراءة كي يتعود الناس على الرجوع لكتب التفسير .. والارتباط بها
جزاكم الله خيرا
¥