سؤالي هو هل يعني جواب المشركين (خلقهن) العزيز العليم انهم يقرون ويعترفون بان من اسماء الله الحسنى العزيز والعليم.
ـ[مصطفى فوضيل]ــــــــ[29 Sep 2008, 05:07 م]ـ
هذا السؤال أجاب عنهم المفسرون رحمهم الله تعالى، ومن أهم ما وقفت عليه من أقوالهم قول الزمخشري وأبي السعود وسيد قطب، وكأن بعضها يشرح بعضا:
قال الزمخشري:
فإن قلت: قوله: {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العزيز العليم} وما سرد من الأوصاف عقيبه إن كان من قولهم، فما تصنع بقوله: {فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الزخرف: 11] وإن كان من قول الله، فما وجهه؟ قلت: هو من قول الله لا من قولهم. ومعنى قوله: {لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العزيز العليم} الذي من صفته كيت وكيت، لينسبنّ خلقها إلى الذي هذه أوصافه وليسندنه إليه. (وقد استحسن الآلوسي قول الزمخشري).
وقال ابن عطية:
ومقتضى جواب قريش أن يقولوا «خلقهن الله» فلما ذكر تعالى المعنى جاءت العبارة عن الله بـ {العزيز العليم} ليكون ذلك توطئة لما عدد بعد من أوصافه التي ابتدأ الإخبار بها وقطعها من الكلام الذي حكى معناه عن قريش.
وقال أبو السعود:
{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والأرض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العزيز العليم} أي ليُسنِدُنَّ خلقَها إلى مَنْ هذا شأنُه في الحقيقةِ وفي نفسِ الأمرِ، لا أنَّهم يُعبِّرونَ عنه بهذا العُنوانِ. وسلوكُ هذه الطريقةِ للإشعارِ بأنَّ اتصافَهُ تعالى بَما سُردَ من جلائلِ الصفاتِ والأفعالِ وبما يستلزمُه ذلكَ من البعثِ والجزاءِ أمرٌ بينٌ لا ريبَ فيهِ وأنَّ الحجةَ قائمةٌ عليهم شاؤُا أو أبَوا. وقد جُوِّزَ أن يكونَ ذلك عينَ عبارتِهم.
وقال سيد قطب:
لقد كانت للعرب عقيدة نظن أنها بقايا من الحنيفية الأولى ملة إبراهيم عليه السلام، ولكنها بهتت وانحرفت ودخلت فيها الأساطير وقد بقي منها ما لا تملك الفطرة إنكاره من وجود خالق لهذا الكون، وأنه هو الله، فما يمكن في منطق الفطرة وبداهتها أن يكون هذا الكون قد نشأ هكذا من غير خالق؛ وما يمكن أن يخلق هذا الكون إلا الله. ولكنهم كانوا يقفون بهذه الحقيقة التي تنطق بها بداهة الفطرة عند شكلها الظاهر، ولا يعترفون بما وراءها من مقتضيات طبيعية لها:
{ولئن سألتهم: من خلق السماوات والأرض؟ ليقولن: خلقهن العزيز العليم. . .}. .
وواضح أن هاتين الصفتين: {العزيز العليم} ليستا من قولهم. فهم كانوا يعترفون بأن الذي خلقهن هو «الله». . ولكنهم لم يكونوا يعرفون الله بصفاته التي جاء بها الإسلام. هذه الصفات الإيجابية التي تجعل لذات الله في نفوسهم أثراً فعالاً في حياتهم وحياة هذا الكون. كانوا يعرفون الله خالقا لهذا الكون، وخالقاً لهم كذلك. ولكنهم كانوا يتخذون من دونه شركاء. لأنهم لم يعرفوه بصفاته التي تنفي فكرة الشرك، وتجعلها تبدو متهافتة سخيفة.
والقرآن هنا يعلمهم أن الله، الذي يعترفون بأنه خالق السماوات والأرض، هو {العزيز العليم}. . فهو القوي القادر، وهو العليم العارف. فيبدأ بهم من اعترافهم، ويخطو بهم الخطوات التالية لهذا الاعتراف.
ثم يمضي بهم خطوة أخرى في تعريف الله سبحانه بصفاته؛ وفي بيان فضله عليهم بعد الخلق والإنشاء:
{الذي جعل لكم الأرض مهدا، وجعل لكم فيها سبلاً، لعلكم تهتدون}.
رحم الله علماءنا الأفذاذ ونفعنا بعلمهم.
ـ[مصطفى فوضيل]ــــــــ[30 Sep 2008, 12:09 ص]ـ
تصحيح:
ورد في مطلع كلامي خطأ: "أجاب عنهم" والصواب: "أجاب عنه"
ـ[امة الوهاب]ــــــــ[30 Sep 2008, 05:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا عن هذا الجواب المستوفي.هذا ما كنت اود معرفته.
ـ[امة الوهاب]ــــــــ[30 Sep 2008, 05:10 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذا الجواب المستوفي.