تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بالضرورة عمل عبادي وإنما حسن في منهجه ولذلك هؤلاء الفتية خرجوا إلى الكهف وتشاوروا بوضع قومهم وعزموا على خروجهم وتصرفهم الحسن بعد أن بعثوا (فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا (19)) هذا يدل على أن حسن العمل يكون في كل شيء وليس فقط في العبادة وإنما يكون في أمور الدنيا. وفي موضع آخر ذكر صلاح العمل وهذا مختلف لأنه نتيجة كل هذا التوجيه ذكر صلاح العمل.

العلاقة بين سورة الكهف وسورة الإسراء:

سورة الإسراء كلها توجيهات للنبي صلى الله عليه وسلم ولذا جاءت بضمير المخاطب له صلى الله عليه وسلم، حتى الأخلاق وجهت له مباشرة وإن كان الخطاب له فهو أيضاً لأمته. هذه السورة تظهر فيها شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وتهيئته للرسالة (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (105)) ثم تبدأ الكهف (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ). إنتهت سورة الإسراء بالحمد (الحمد لله) ثم بدأت الكهف بالحمد. بدأت سورة الإسراء بالتنزيه وانتهت بالتعظيم. حُمد فيها الله سبحانه وتعالى على وحدانيته في آخر آية ثم حُمد بإنزال هذا القرآن في سورة الكهف، فهذا القرآن هو الدليل الواضح لتوحيد الله سبحانه وتعالى. المؤسف الآن أنه لا يتم توجيه الناس لعقيدتهم من خلال القرآن وإنما فصلوا دروس العقيدة عن التفسير ونحن نتمنى أن ينطلق تدريس العقيدة من التفسير. العقيدة فيها تركيز على مفهوم الألوهية والربوبية بينما المنهج القرآن التركيز فيه على الربوبية أكثر خاصة في قصص الأنبياء بعضهم يركز أكثر من بعض، إبراهيم واضح عنده توحيد الألوهية أما موسى فتوحيد الربوبية أوضح عنده. أتمنى من المختصين أن يعيدوا للقرآن منهجه في العقيدة. أي مكان فيه توحيد ألوهية ونفي للشريك تجد بعده أو قبله إشارة إلى قضية من قضايا الربوبية.

سورة الكهف:

دعونا نركز على قضية النعم وسجل النعم التي تمر عليك من خلال قرآءتك للسورة. فإذا قرأنا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ) هذه أعظم نعمة إنزال الكتاب علينا. وإذا قرأنا (قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا) هذه نعمة. ثم الزينة عامة (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا) هي نعمة. ثم الحديث عن اصحاب الكهف (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)) ليس فقط آمنوا وإنما أنعم الله عليهم بأن زادهم هدى وربط على قلوبهم.

السورة تركز أن الإنسان مهما أوتي من قوة ومن قدرة لا يعتمد عليها، قضية تأييد الله مع فعل الأسباب لكن لا تتوقع أنك بفعل السباب قد ضمنت النجاح. مثلاً الدين بعض الناس وهو يدين لله ينسى ذلك ويستخدم الدين أداة يستخدمه لرفعته أو لحظوته عند الناس وهذا ينتكس لأنه ليس على هدى. الفتية يعجبون دائماً بأنفسهم إذا هداهم الله وهذا أمر ظاهر لما فيهم من اندفاع قال (وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) الهدى من الإيمان لكن هذه إشارة أنه إن لم يؤيدك الله فأنت تخسر.

قضية الإيمان، قضية المال يمكن أن يكون عندي مال مثل صاحب الجنتين وبلغ به الأمر من الكبر والبطر ورد الحق بسبب أن الله أعطاه مالاً (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33)) بينما هو ظلم. وأيضاً العلم قد يسبب إشكالية حتى أن الله عز وجل جعل موسى وهو من هو (وعتب الله عليه لما قال أنا أعلم أهل الأرض) وهذه فيها ملمحاً أن موسى لم يرد الحق لله سبحانه وتعالى وقبلها النبي صلى الله عليه وسلم لما لم يقل إن شاء الله كما تذكر الرواية تأخر الوحي عليه. كذلك موسى جعله الله تعالى يتعب وينصب ويتعلم ممن هو اعلم منه فيرد الأمر إلى أهله. كذلك ذو القرنين أعاد الأمر إلى الله فقال (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ (95)) ولو أعاد الأمر لنفسه لما وصل إلى هذه النتيجة وقال (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي (98)). يجب أن نبحث في السورة عن السبب المادي ثم السبب الإيماني الإتصال بالله. يجب أن نبذل السباب لكن يجب أن نعرف أن الأمر لله والله تعالى لا يحب من العبد أن يستقل بذاته ويستغني عن ربه وهذه من أعظم المصائب ولذلك

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير