تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (115)) فجاءت هذه القصة في السورة فكانت عنواناً لها وما وردت إلا في هذه السورة.

لعلنا نتساءل عن ورود القصة في هذه السورة ومناسبتها لمقصد السورة؟ وهذا يجرنا إلى مقصد السورة حتى نربط بين المقصد والإسم.

مقصد السورة هو أنها تسمى سورة العقود فيها مواثيق وفيها عقود وفيها أوامر وفيها تشريعات حتى قال بعض المفسرين ومنهم القرطبي قال إن فيها 18 فريضة وهذا يدلنا على أن سورة المائدة فيها من التشريعات ما ليس في كثير من سور القرآن بل قد لا يسبقها في التشريعات إلا سورة البقرة.

د. عبد الرحمن: فيها 18 فريضة مخصصة بها ليست في غيرها؟

قد يكون هناك اشتراك مثل الخمر ذكر في النساء والبقرة والمحرمات لكن فيها تفصيلات وفي سورة المائدة تكملات تكميل للتشريعات كأن الله عز وجل أراد أن يختم هذا القرآن وهذه السورة من آخر ما نزل من القرآن، آخر التشريعات نزلت في سورة المائدة ونلاحظ أن من آخر التشريعات فيها الوصية يشعرك بوصية الله عز وجل لعباده كأنه يقول هذه وصيتي لكم هذه التشريعات وصيتي لكم ولذلك افتتحت بالنداء الإلهي العظيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) العقود هي كل ما أمر به الله عز وجل ورسوله هي أولاً ما بين الله وبين عباده من الأوامر والنواهي والحلال والحرام هذه كلها عقود ومواثيق ولذلك قال عز وجل (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)) فهذه افتتاحها بالعقود يدل على أنها سورة العقود وفيها أوامر ولذلك جاء النداء الإلهي بـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) ورد في هذه السورة 16 مرة مما يدل على أنها تحمل نداءات إلهية مهمة وعظيمة وتأكيدات.

بعد أن حددنا المقصد وهو أنها في العقود والمواثيق ولذلك جاء فيها لفظ العقود والمواثيق عدة مرات (وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ (12)) (وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ (7)) (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ (13)) (أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ (14)) (لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (70)) كلها فيها توثيق.

د. عبد الرحمن: من فوائد كلامك أنها من آخر ما نزل فيها فائدة ممتازة في علوم القرآن يعني الآيات التي فيها كلها ناسخة وليست منسوخة مثل آية الخمر

مناسبة القصة:

فيما يتعلق بمناسبة القصة فإن الله عز وجل أخذ على بني إسرائيل الميثاق (قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (115)) ففيها ميثاق بعد أن أنعم الله عليهم بهذه النعمة أخذ عليهم الميثاق وهذا فيه وإشارة وتحذير إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن ما أنزل عليهم من هذه النعمة نعمة القرآن نعمة الإسلام نعمة هذه التشريعات التي بينت لهم حياتهم والتي أخرجتهم من الظلمات إلى النور فإن هذه التشريعات ما هي إلا بصائر لهم في حياتهم ونور لهم في سلوك هذا الطريق. إشارة حينما يأتي تشريع يتذكرون موثق الله عز وجل لبني إسرائيل إن لم يأخذوا به فقد يأخذهم الله بعذاب. وهذا يذكرنا بقصة البقرة التي جاءت في سورة البقرة أنها جاءت قصة البقرة إشارة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن هذا حال بني إسرائيل فاحذروه في تلقي أوامر الله عز وجل ولذلك نلحظ أن هناك تشابهاً بين سورة البقرة والمائدة من حيث أن سورة البقرة فيها تشريعات أصول فيها فرائض فيها الضرورات الخمس والمائدة فيها التكميل، ولذلك نلحظ أنه جاءت آية الحرمات (حرمت عليكم الميتة) هناك مختصرة وهنا مفصلة، آية الخمر جاءت في سورة البقرة مختصرة وجاءت في المائدة مفصلة في تحريمها، (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ (4)) هذه تكميل وأمور خفية ربما يحتاجونها وما تعرضت لها سورة البقرة ولا غيرها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير