تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بِتَرْكِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ {أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَكُلُّهُمْ كَانَ يُكَبِّرُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ وَإِذَا خَفَضَ} قَالَ: وَهَذَا مُعَارِضٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ: " أَنَّهُ كَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ ". وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قُلْت: لِعُمَرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ " مَا مَنَعَك أَنْ تُتِمَّ التَّكْبِيرَ - وَهَذَا عَامِلُك عَبْدُ الْعَزِيزِ يُتِمُّهُ -؟ فَقَالَ: تِلْكَ صَلَاةُ الْأُوَلِ وَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنِّي ". قُلْت: وَإِنَّمَا خَفِيَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَلَى هَؤُلَاءِ الْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ كَمَا خَفِيَ ذَلِكَ عَلَى طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ زَمَانِنَا وَقَبْلَهُ مَا ذَكَرَهُ [ابْنُ] أَبِي شَيْبَةَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ. قَالَ: " أَوَّلُ مَنْ قَصَّ التَّكْبِيرَ زِيَادٌ ". قُلْت: زِيَادٌ كَانَ أَمِيرًا فِي زَمَنِ عُمَرَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صَحِيحًا. وَيَكُونُ زِيَادٌ قَدْ سَنَّ ذَلِكَ حِينَ تَرَكَهُ غَيْرُهُ. وَرُوِيَ عَنْ الْأَسْوَدِ ابْنِ يَزِيدَ عَنْ {أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: لَقَدْ ذَكَّرَنَا عَلِيٌّ صَلَاةً كُنَّا نُصَلِّيهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَّا نَسِينَاهَا وَإِمَّا تَرَكْنَاهَا عَمْدًا وَكَانَ يُكَبِّرُ كُلَّمَا رَفَعَ وَكُلَّمَا وَضَعَ وَكُلَّمَا سَجَدَ}. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأُمَرَاءَ بِالْعِرَاقِ الَّذِينَ شَاهَدُوا مَا عَلَيْهِ أُمَرَاءُ الْبَلَدِ وَهُمْ أَئِمَّةٌ وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ خِلَافُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَوْا مَنْ شَاهَدُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ لَا يَعْرِفُونَ غَيْرَ ذَلِكَ فَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ مِنْ أَصْلِ السُّنَّةِ. وَحَصَلَ بِذَلِكَ نُقْصَانٌ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ وَفِعْلِهَا. فَاعْتَقَدُوا أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ تَقْدِيمِهَا؛ كَمَا كَانَ الْأَئِمَّةُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ عَدَمُ إتْمَامِ التَّكْبِيرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ النَّاقِصَةِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَتَأَوَّلُ فِي بَعْضِ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِهِ: أَنَّهُمْ مِنْ الْخَلْفِ الَّذِينَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} فَكَانَ يَقُولُ: " كَيْفَ بِكُمْ إذَا لَبَسَتْكُمْ فِتْنَةٌ يَرْبُو فِيهَا الصَّغِيرُ وَيَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ إذَا تُرِكَ فِيهَا شَيْءٌ قِيلَ: تَرَكْت السُّنَّةَ. فَقِيلَ: مَتَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقَالَ: ذَلِكَ إذَا ذَهَبَ عُلَمَاؤُكُمْ وَقَلَّتْ فُقَهَاؤُكُمْ وَالْتُمِسَتْ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَتُفُقِّهَ لِغَيْرِ الدِّينِ " وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ أَيْضًا: " أَنَا مِنْ غَيْرِ الدَّجَّالِ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنْ الدَّجَّالِ: أُمُورٌ تَكُونُ مِنْ كُبَرَائِكُمْ فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَالسَّمْتَ الْأَوَّلَ فَالسَّمْتَ الْأَوَّلَ ".

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمَّا تَوَلَّى إمَارَةَ الْمَدِينَةِ فِي خِلَافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَمِّهِ - وَعُمَرُ هَذَا هُوَ الَّذِي بَنَى الْحُجْرَةَ النَّبَوِيَّةَ إذْ ذَاكَ - صَلَّى خَلْفَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فَقَالَ مَا رَوَاهُ أَبُو داود والنسائي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَا صَلَّيْت وَرَاءَ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْفَتَى - يَعْنِي عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ " قَالَ " فَحَزَرْنَا فِي رُكُوعِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ وَفِي سُجُودِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ " وَهَذَا كَانَ فِي الْمَدِينَةِ مَعَ أَنَّ أُمَرَاءَهَا كَانُوا أَكْثَرَ مُحَافَظَةً عَلَى السُّنَّةِ مِنْ أُمَرَاءِ بَقِيَّةِ الْأَمْصَارِ. فَإِنَّ الْأَمْصَارَ كَانَتْ تُسَاسُ بِرَأْيِ الْمُلُوكِ وَالْمَدِينَةُ إنَّمَا كَانَتْ تُسَاسُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ نَحْوِ هَذَا وَلَكِنْ كَانُوا قَدْ غَيَّرُوا أَيْضًا بَعْضَ السُّنَّةِ. وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَدْ غَلِطَ فَإِنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُدْرِكْ خِلَافَةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَلْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ.)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير