تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المعجزة السودانية.]

ـ[محمد المبارك]ــــــــ[06 - 05 - 08, 12:23 ص]ـ

المعجزة السودانية

(الحلقة الأولى)

لا شك أن جمهورية السودان الاسلامية قد قطعت في العقدين الأخيرين خطوات تنموية كبرى في مدة قصيرة بالنسبة للتوقيت التنموي الخاص بدول العالم الثالث.

وإذا كانت ماليزيا قد بهرت نظيراتها من الدول الاسلامية بقفزتها التنموية الهائلة خلال فترة قياسية فإن تلك القفزة لم تكن بمعزل عن رغبات غربية جامحة في تعزيز القوة المناعية الماليزية تجاه المد الصيني الشيوعي في ذلك الوقت في دولة يكوِّن الجنس الصيني نسبة 33% من مكوناته البشرية.

مما حدا بالحكومة ـ و برعاية غربية ـ لإطلاق مشروع "بوميبوترا " الذي يعطي الأولوية لتنمية وتطوير عرق الملايو "أبناء الأرض"، دون العرقين الصيني و الهندي ..

ذلكم المشروع الذي سُرعان ما فقد كثيرً من دعائمه الغربية بعد انقضاء الخطر الشيوعي، لتنتهي فترة ولاية الدكتور "مهاتير" و لتدخل البلاد من بعده في دهاليز سياسية معقَّدة كبحت كثيراً من جماح تلك القفزة التاريخية لدولٍة مسلمة واثبة كالدولة الماليزية.

نرجع الى الشأن السوداني:

الملفت للنظر بالنسبة للوضع السوداني هو: كون ذلك العملاق الأسمر قد ابتدأ في تحقيق نجاحات منقطعة النظير ـ بالنسبة لمحيط دُول الجامعة العربية على الأقل ـ خلال فترة تطبيق كثير من القرارات الامريكية والغربية المجحفة تجاه القطر السوداني دولة وشعباً.

فقد تمكنت جمهورية السودان الاسلامية من قطع أشواط كبيرة في شتى المجالات النفطية منها والزراعية و الاقتصادية، ممَّا أسهم في رجوع كثير من الكوادر السودانية المهاجرة في شتى بلدان العالم العربي الاسلامي، بل و حتى من المهاجرين الى أوربا و القارة الامريكية.

1ـ الصناعة النفطية في السودان:

في عام 1984جمَّدت شركة شيفرون الأمريكية – و التي كانت تملك حقوق امتياز استخراج النفط السوداني منذ عام 1974 (أثناء حكم جعفر النميرى)، و التي حفرت 90 بئراً في مساحة قدرها (42 مليون هكتار) كانت ثلاثين منها منتجة وواعدة. – نشاطاتها البترولية في السودان كنوعٍ من الضغط السياسي و الاقتصادي الامريكي على الجمهورية السودانية، و غادرت إثر ذلك البلاد.

هذا علماً بأن فاتورة استيراد الطاقة والمحروقات كانت تكلف البلاد أكثر من ثلث عائداتها من الصادر (300 - 350 مليون دولار). وكانت الاختناقات والندرة في هذا المجال في السودان هي الأكبر منها في أية سلعة استهلاكية وحيوية أخرى.

وفي 30 يونيو 1989 تولى المشير عمر البشير منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الانقاذ الوطني بعد انقلاب عسكري ضد حكومة المهدي، و عند ذلك فكرت حكومة الإنقاذ الوطني بجملة أمور حيوية كان على رأسها التفكير في إحياء مشروع النفط فاتجهت في عام 1991 نحو أمرين في هذا الخصوص هما:

• استجلاب مصافي صغيرة واستغلال نفط حقل أبوجابرة والحقول الأخرى وإن كانت محدودة الإنتاج يومئذ.

• تحرير حق الامتياز من شركة شيفرون الأميركية ومحاولة الاتصال بشركات أخرى غير واقعة تحت السيطرة الأميركية ولديها إمكانية القيام بالمهمة.

ولقد كان الأمر الثاني هو الأهم على كل حال. وقد تحقق على يد إحدى شركات القطاع الخاص السوداني المسجلة والعاملة في الخارج وهي شركة (كونكورب العالمية) ومنها انتقل إلى الحكومة لتصوب اهتمامها الكبير نحو هذا الهدف الإستراتيجي. فتداعت للمشروع بعض الشركات الصغيرة بادئ الأمر كشركة ( State Petroleum) الكندية.

و في خريف 1993م وضعت الولايات المتحدة الأميركية السودان على لائحة وزارة خارجيتها الخاصة بالدول التي تزعم أنها تدعم الإرهاب أو تصدره، ممَّا يُعرقل وصول كثير من المعدَّات اللازمة لاستخراج الفط.

إلاَّ أن النفط السوداني تدفق بفضل الله عز و جل على يدي شركة ( State Petroleum) الكندية لأول مرة في الخامس والعشرين من يونيو حزيران 1996 بكميات لم تبلغ العشرين ألف برميل يومياً في ذلك الوقت. وكانت تنقل إلى مصفاة (الأبيض) الصغيرة بالقطارات والشاحنات.

وقد فتح ذلك الباب كما هو معلوم لدخول مجموعة الكونسورتيوم (الصينية 40% والماليزية 30% والكندية 25% والحكومة السودانية 5%) لتبدأ رحلة إنتاج وتسويق النفط السوداني الحقيقية ليدخلَ طور التكرير و الإنتاج التجاري.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير