تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الأمثلة على ذلك ما قيل لابن الفرضي عن عبد الله الزجالي من مدح وتزكيته وأن عائذاً قال له ما أعرف أحداً يصلح للقضاء غيره فذكر هذا الأمر لسليمان بن أيوب فقال له: (كان أولى بالقضاء من ابن أبي عيسى: ومن منذر ومن غيرهما، ثم قال لي: هذا الذكر يغار له الناس) ([420]).

كذلك استخدم ابن الفرضي عبارة أخبرني، أو أخبرنا ومعظم الروايات التي ساقاها هنا مصدرها أحد قرابة المتحدث عنهم، وهي متعلقة بتاريخ وفاته ([421])، وهذا يدل على حرصه في أخذ المعلومات والأخبار من مصادرها القريبة والمطلعة، وهكذا نرى أن الصيغ التي استخدمها ابن الفرضي في نقل معلوماته في كتابه تاريخ العلماء هي الصيغ المستخدمة عند المحدثين مما يؤكد أثر ثقافته في العلوم الشرعية على ثقافته العامة واتجاهات التأليف الأخرى لديه لا سيما في ميدان التأريخ.

كما أورد ابن الفرضي بعد هذه العبارة أخباراً أخرى تتعلق بالمولد ([422])، أو الإجازة ([423])، أو الثناء على الرجال ([424]) أو غيرها، وكان ابن الفرضي يحدد مكان تلقيه الخبر الشفوي مثل قوله حينما ذكر وفاة أبي الفرج عبدوس بن محمد بن عبدوس: (أخبرني بوفاته عبيد بن محمد الشيخ الصالح نعاه إليّ في داره) ([425]).

كان هذا عرضاً لمصادر ابن الفرضي الشفوية، وقد بدا لنا من خلال استقراء نصوصها ما يلي:

- أن مصدر الرواية الشفوية عند ابن الفرضي كانوا إما شيوخه غالباً أو أقرانه ومعاصريه من أقارب المتحدث عنهم، وكان أشهر من روى عنهم من شيوخه يحيى بن مالك العائذي، ومحمد بن أحمد بن محمد بن مفرج، وأحمد بن عبد الله بن عبد البصير، وخطاب بن مسلمة بن بتري، وسهل بن إبراهيم بن سهل أبو القاسم، وعبد الله بن محمد ابن القاسم الثغري، وقاسم بن محمد بن أصبغ، ومجاهد بن أصبغ البجاني، ومحمد بن عمرو الأسدي، ومحمد بن محمد بن أبي دليم، ويحيى بن هذيل بن عبد الملك، وعباس ابن أصبغ الحجازي، وعبد الله بن محمد الباجي وغيرهم.

- أن ابن الفرضي كان أحياناً لا يحدد مصدر تلقيه الخبر الشفوي بل يقول أخبرني بذلك من كتب عنه أوسمع منه أو بعض أقاربه وغيرها من العبارات، بل أنه ربما كان أكثر تعميماً حين يقول ويحكي أنه … ([426])، كما أنه قد يجمع بين صيغتي أداء الخبر كأن يقول: وأخبرني وسمعت فلانا ([427])، وقد يجمع بين الرواية الشفوية والمكتوبة ([428]).

- مما يميز هذا النوع من المصادر أن ابن الفرضي لا يتعامل مع مصادر جامدة، بل إنه يتعامل مع رجال قد استوعبوا ما يقولون، وعايشوه كما عايشوا من ينقلون إليه الخبر، ولهذا سنحت فرصة للسؤال والمناقشة بين الطرفين لما قد يشكل حول الخبر المنقول، ومن الأمثلة على ذلك قوله حينما تحدث عن خالد بن سعد: (وكان إسماعيل يرفع به جداً … وسألت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى القاضي عن خالد هل كان بحيث يضعه إسماعيل من العلم بالحديث؟ فقال لي: أعور بين عميان…) ([429])، وكذلك قوله عن مسلمة بن القاسم: (وسمعت من ينسبه إلى الكذب وسألت محمد بن أحمد بن يحيى القاضي عنه فقال لي لم يكن كذاباً، ولكن كان ضعيف العقل) ([430]).

بل إن المصادر الشفوية ربما كانت معينة في تفسير وكشف غموض بعض ما يرد في المصادر المكتوبة، ومن الأمثلة على ذلك قول ابن الفرضي عن مروان بن عبد الملك الفخار: (وقرأت بخط أحمد بن محمد بن عبد البر قال: قال لي أحمد بن خالد: كان مروان الفخار ساكناً بأقريطش ([431]) وكان أصله من هنا، كان جاراً لبقي بن مخلد، قال: وكان له عشرين جارية تساوي كل جارية خمسمائة دينار: ولقد كانت له صبية تخرج إلى الفرن، وكانت ربما تأتيني بهدية يبعثها إلي فلقد كنت أتمنى أن تكون لي … ولقد قال لي: أن لي اليوم عشرين سنة ما أبيت إلا في ثيابي بعمامتي كما تراني وما أمس واحدة منهم، قلت لأحمد ابن كم؟ قال ابن ستين أو أكثر منها، قلت لأحمد: فعلى مروان كانت تدور فتيا أهل أقريطش؟، قال لي نعم، قلت له: وكان يحسن الفتيا؟ قال: كذا قال: ولقد جادلني يوماً في مسألة وكان فيها المخطئ، …) ([432]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير