تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حيث كان يعده من مصادره المهمة وذكره كما يذكر غيره من أنواع المصادر فهو يقول عن حكم بن محمد المقري: (وشهدته يقرأ ويقرئ .. ) ([380]).

وكانت الصفات الخَلْقية والخُلُقيّة من أهم ما رصده أثناء معايشته ومشاهدته لعدد من العلماء حيث دونها ضمن كتاباته عنهم فقد قال مثلاً عن محمد بن إبراهيم القرشي: (جالسته فرأيته نبيلاً …) ([381])، كما قال عن محمد بن يحيى بن رطال: (وكان شيخاً مسمتاً جميلاً، وقوراً، حليماً، متواضعاً كثير الصيام … وكان باطنه كظاهره سلامة ونزاهة …) ([382])، وقريباً من ذلك قوله عن محمد بن إسحاق بن السليم إذ قال عنه: (وكان لين الكلمة سهل الخلق متواضعاً) ([383])، وعن محمد بن إسحاق بن مسرة قال: (وكان قادراً، خيراً، عفيفاً ضابطاً لنفسه، متسمناً وقوراً، ما رأيت في أصحابنا مثله ليناً وطهارة، وأدباً) ([384]).

ولم تكن الصفات الحسنة هي التي كان يرصدها بل تجاوز ذلك إلى الصفات السيئة، ومن ذلك قوله عن محمد بن أحمد بن أصبغ: (وكان كثير الملق، شديد التعظيم لأهل الدنيا مفرطاً في ذلك) ([385]).

أما سعيد بن محمد بن مسلمة بن تبرى فقال عنه: (وكان شديد الأذى بلسانه بذيئاً ثلابة يتوقاه الناس على أعراضهم) ([386])، كما قال عن محمد بن يبقى بن مسلم: (وكانت منه سلامة تجوز عليه بها مالا يجوز على أهل اليقظة من قبول المدح مواجهة واستحسان الاطراء - عفا الله عنا وعنه -) ([387]).

كانت هذه نماذج لما رصده ابن الفرضي لبعض الصفات الخُلُقيّة عند بعض علماء الأندلس ومن يستقرئ ما ذكره يجد أنه كان ذا ملكة قوية، وحس مرهف، مكنه من رصد كل ما شاهده بدقة متناهية.

كما كانت الصفات الجسمية من ضمن ما رصده أثناء معايشته ومشاهدته لعدد من العلماء، ومن ذلك قوله عن أصبغ بن قاسم: (وكان وسيماً جسيماً) ([388])، وعن محمد ابن محمد بن أبي دليم: (وكان ضرورة لا يطأ النساء، ولم يتداوى قط ولا احتجم) ([389])، كما قال عن سعيد بن حمدون الصوفي: (وكان أعور) ([390]).

كما استبان لابن الفرضي من خلال معايشته ولقاءاته شيء من المواهب والنزعات العلمية، أو العقدية عند بعض الرجال، فمن ذلك قوله عن عبد الله بن محمد الثغري: (وكان فقيهاً فاضلاً، ديناً ورعاً، صليباً في الحق، لا يخاف في الله لومة لائم، ما كنا نشبهه إلا بسفيان الثوري في زمانه …) ([391])، ومن ذلك قوله عن محمد بن عيسى المعافري: (سمعته يخطب مراراً، وكان يتقعّر في خطبته، وتكلف في الاسجاع، وكان مع ذلك يدعي ارتجالها، وكان شعره ضرباً من خطبه جالسته وكان لا يحدث) ([392])، كذلك قال عن محمد ابن عبد الله المعلم: (وكان شيخاً تائهاً لا معرفة عنده، وقد كتب عنه قوم حدثهم عن جده، ولو أراد أن يحدثهم عن نوح لفعل) ([393]) كما وصف خلف بن محمد الخولاني (بأنه كان ضعيف الكتابة) ([394])، وقال عن شيخه عبد الله بن محمد التجيبي المتوفى سنة 390هـ: (وكان ضعيف الخط ربما أخل بالهجاء) ([395])، هكذا استطاع ابن الفرضي التعرف على صفات الرجال ونزعاتهم العلمية حيث وقف على الكثير منها بنفسه أثناء معايشته لهم، وهذا مما أعطى كتاباته قيمة علمية لاسيما حينما تقارن بكتب التراجم التي جاءت بعدها.

كذلك أفاد من معايشته لبعض الأشخاص التعرف على نزعاتهم العقدية، فقد اتهم محمد بن عبد الله القيسي بالانتماء إلى مذهب ابن مسرة لكن ابن الفرضي رد هذه التهمة بقوله: (وقد كان ظاهره ظاهر إيمان وسلامة) ([396])، وهذا الحكم عليه إنما صدر من ابن الفرضي بعد معايشته لهذا الرجل وتعرفه على نزعاته العقدية .. كذلك أفاد من مجالسته لبعض العلماء الاطلاع على الوجاهة العلمية لبعضهم ومن ذلك مشاهدته للرسائل التي كانت تصل للفقيه يوسف بن يحيى الأزدي حيث قال: (فرأيته قد جاءته كتب كثيرة نحو المائة كتاب من جماعة من أهل مصر بعضهم يسأله الإجازة، وبعضهم يسأله في كتابه الرجوع إليهم) ([397]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير