تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حمل كتاب "حقيقة الانتصار" - ناصر العمر (وورد)]

ـ[طويلب علم صغير]ــــــــ[04 - 07 - 03, 04:10 م]ـ

(منقول) - بقلم المؤلف

أهمية الموضوع:

تبرز أهمية الموضوع وسببه من خلال الفهم الخاطئ لمعنى حقيقة انتصار الداعية، والخلط فيه بين معنى انتصار الداعية وبين انتصار الدعوة، وظهور الدين، حيث نتج عن هذا الفهم وهذا الخلط عدة أمور -سلبية- أهمها:

1 - تصور كثير من الناس أن هذا الداعية لم ينتصر ولم ينجح في دعوته؛ لأنه لم يتمكن من تحقيق الأهداف التي يدعو إليها، ويسعى لتحقيقها، مما يؤدي إلى التشكيك في منهجه، وانصراف بعض المدعوين عنه.

2 - استعجال النتائج وتحقيق الأهداف.

مِن قِبَل كثير من الدعاة، فإن بعض الدعاة إذا بدأ في دعوته فإنه يرسم منهجًا جيدًا يسير من خلاله لتحقيق أهدافه، ولكن إذا مضى زمن ولم يتحقق شيء من ذلك، أو تحقق شيء يرى أنه لا يساوي الجهود المبذولة، فيقوم بتعديل منهجه السليم إلى منهج خاطئ يستعجل فيه الثمار، وذلك ناتج عن تصوره الخاطئ في فهم حقيقة ما يجب عليه، وإنه إذا لم تتحقق أهدافه فإنه لم يقم بما أوجبه الله عليه، غافلا عن الفرق بين الأمرين، أو جاهلا لذلك.

3 - الانحراف عن المنهج.

وذلك أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فالداعية ملزم بأن يلتزم بمنهج أهل السنة والجماعة، وهو ما كان عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم وصحابته.

بل هو ما ورد في الحديث الصحيح: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ " (1).

وهو ما نفهمه من قوله -تعالى-: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (2) [سورة الأنعام الآية: 153].

إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تبين وجوب الالتزام بمنهج الكتاب والسنَّة.

فبعض الجماعات والدعاة، حرصًا منهم على نصر الإسلام، وتصورا منهم أن ظهور الدين وزوال الكفر والفساد مقياسا لنجاح دعوتهم، وأمام ضغط الظالمين ومساوماتهم، واستعجال الأتباع وعدم صبرهم، يسعى هؤلاء للحصول على بعض المكاسب نصرة لهذا الدين ودفاعا عنه، ولكن هذا الأمر قد يقتضي التنازل عن بعض أصول الإسلام، وهنا يأتي الداعية إلى محاولة تطبيق قاعدة المصالح والمفاسد، فينحرف عن المنهج وهو لا يدري، ويستسلم لمساومات الأعداء وألاعيبهم.

4 - اليأس والقنوط ثم الاعتزال.

طريق الدعوة طريق طويل وشاق، مليء بالعقبات والمحن والابتلاءات، وقليل من الدعاة من يجتاز هذا الطريق وهو ثابت على دعوته، ملتزم بمنهجه.

وكثير من الدعاة عندما يسير في الطريق ثم يجد أن الأعوام تمضي وهو لم يحقق شيئا مما يدعو إليه، ويحاول إعادة الكرة مرة بعد أخرى، ولا يرى أثرا مباشرا لدعوته، تبدأ عنده الشكوك والأوهام، فمرة: يتهم نفسه، وأخرى قومه، وثالثة: أتباعه ومؤيديه، ثم يصل في النهاية إلى أن هؤلاء القوم لا تنفع معهم دعوة، ولا يستجيبوا لداع أو نذير، ويقول لنفسه: كفاني ما كفانيا، وعليك بخاصة نفسك والسلام، و (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ) (3) -[سورة البقرة، الآية: 272] يفهمها فهما خاطئا- و (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) (4) [سورة المائدة، الآية: 105] يضعها في غير موضعها.

وهنا ييئس من قومه، ويقنط من هداية الله لهم، ثم يعتزل الدعوة ويترك القوم وشأنهم.

ومنشأ هذه النتيجة التي وصل إليها عدم إدراكه واستيعابه لحقيقة الانتصار، وأنه قد يكون صبره على قومه مع عدم استجابتهم أعظم له أجرا، وذخرا ونصرا، مما لو آمنوا بما يدعو إليه واتبعوه.

هذه الآثار -وغيرها- التي نتجت في أغلب أحوالها عن الخلط في مفهوم الانتصار، وعدم قدرة كثير من الدعاة التفريق بين انتصار الدين وبين انتصار الداعية.

ومما سبق تتضح أهمية هذا الموضوع، وحاجة الدعاة وطلاب العلم إلى تجليته وبيانه، وبخاصة أن القرآن الكريم، قد وردت فيه آيات كثيرة، تقرر مفهوم الانتصار، ومهمة الداعية، والفرق بين المهمة وبين النتيجة والأثر.

وفي الصفحات التالية تقرير لهذه الحقيقة وتجلية لها، ومن الله نستمد العون والتأييد.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير