تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[منهج أهل السنة في النقد والحكم على الآخرين - هشام بن إسماعيل]

ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[31 - 07 - 03, 02:19 م]ـ

أصل هذه المقالة نشر في مجلة "البيان"، ثم قام الشيخ رضا صمدي بنشرها في منتدى "أنا المسلم"

نظرا لأهميتها، فإني قمت بتنسيقها على ملف وورد ملحق مع هذه المشاركة بشكل ملف مضغوط على هيئة " ZIP"


منهج أهل السنة في النقد والحكم على الآخرين
هشام بن إسماعيل

* المقدمة:

إن الذي دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو عدة أمور:
- أولاً: أهمية بيان منهج أهل السنة في النقد والحكم على الآخرين، لكثرة صدور الأحكام من جهات إلى أخرى دون تحري المنهج السليم في إصدار الأحكام، مما أدى إلى الوقوع في أخطاء جسيمة في حق الآخرين.
- ثانياً: حاجة المجتمع إلى أن تكون عنده قواعد عامة في الحكم على الآخرين، ليكون الحكم بعلم وعدل وإنصاف، يقول ابن تيمية رحمه الله: " لابد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت، وإلا يبقى في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات، فيتولد فساد عظيم ". (انظر منهاج السنة النبوية 5/ 83)
- ثالثاً: عظم حرمة المؤمن عند الله تعالى.
- رابعاً: الآثار السيئة المترتبة بسبب الانحراف عن هذا المنهج، من بخس للناس، وتقطيع الأواصر، وحدوث الفرقة، ووقوع الغيبة والحسد والبغضاء، وغير ذلك من الأدواء الكثيرة، والتي لا تخفى على القارئ لكثرة وقوع هذا الأمر.

قواعد أهل السنة في الحكم والنقد على الآخرين:

* القاعدة الأولى:
الخوف من الله عز وجل عند الكلام في الآخرين:

حرم الله عز وجل الغيبة في كتابه وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فقال الله عز وجل: ((وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ)) [الحجرات:12 [
وتفسير الغيبة جاء في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته") رواه مسلم 4/ 2001)
ومعلوم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرن حرمة الأعراض بحرمة يوم عرفة من الشهر الحرام في البيت الحرام، فقال: "إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت" (المصدر السابق 2/ 886 - 892)
وعن عبد الرحمن بن غنم يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله، وشرار عباد الله: المشاءون بالنميمة، المفرقون للأحبة، الباغون للبرآء العنت" (أخرجه أحمد 4/ 227، وعزاه صاحب حصائد الألسن ص 68 إلى صحيح الترغيب والترهيب، باب الترهيب من النميمة، وهذا الجزء لم يطبع.)
ومعنى الباغون للبرآء العنت: أي الذين يحبون أن تقع المشقة للأبرياء، وغالباً لا يكون هذا إلا عن حسد وحقد.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من اتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله" (صحيح سنن الترمذي 2/ 200)
وقد كان السلف -عليهم رحمة الله - من أشد الناس بعداً عن الغيبة والخوف منها.
ومن ذلك ما قاله البخاري - رحمه الله -: سمعت أبا عاصم يقول: منذ أن عقلت أن الغيبة حرام ما اغتبت أحدا قط (التاريخ الكبير 4/ 336)
وقال البخاري - رحمه الله -: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً.
قال الذهبي: صدق رحمه الله، ومن ينظر في كلامه في الجرح والتعديل، علم ورعه في الكلام في الناس، وإنصافه فيمن يضعفه ... حتى إنه قال: إذا قلت: فلان في حديثه نظر، فهو متهم واه، وهذا معنى قوله: لا يحاسبني الله أني اغتبت أحداً، وهذا والله غاية الورع (سير أعلام النبلاء 12/ 439)
وقال رحمه الله: "ما اغتبت أحداً قط منذ أن علمت أن الغيبة تضر أهلها" (المرجع السابق 12/ 441)
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير