تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهناك روايات نسب فيها إلى بعض العلماء التهوين من المنع فمن ذلك ما:

روي ذلك عن ابن عمر من الصحابة، ونافع من التابعين، و رواية عن مالك (2) 0 وعن الشافعي بالحل 0 وقول عند الشيعة الإمامية، وقول عند الإباضية 0

¨ أدلة جمهور العلماء على التحريم:

من القرآن الكريم: قول الله تعالى:] نِسَاؤُكُمْ حَرْثُُ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [0

قال ابن القيم في تفسير الآية: " وقد دلت الآية على تحريم الوطء في الدبر من وجهين:

أحدهما: أنه أباح إتيانها في الحرث، وهو موضع الولد من الحشِّ ـ الذي هو موضع الأذى، وموضع الحرث هو المراد من قوله:] مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ الله [0 قال:] فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [0 وإتيانها في قبلها من دبرها مستفادُُ من الآية أيضاً، لأنه قال:] أَنَّى شِئْتُمْ [، أي من أي ماشئتم من أمام أو من خلف (3) 0

وقال القرطبي في تفسيره:] أَنَّى شِئْتُمْ [معناه عند الجمهور من الصحابة والتابعين وأئمة الفتوى: أيِّ وجه شئتم مقبلةً مدبرةً 0 و] أَنَّى [تجيء

(1) بدائع الصنائع: 2/ 331، شرح منح الجليل: 2/ 5، شرح الزرقاني: 3/ 163، المدخل لابن الحاج: 2/ 196، المجموع: 16/ 416، المغني: 7/ 22، منار السبيل: 2/ 217، كشاف القناع: 5/ 210 0

(2) ذكر القرطبي أنَّ رواية مالك حكيت في كتاب له يسمى (كتاب السير)، ثم قال: " وحُذَّاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك عن مالك، وسيأتي تفصيل هذا فيما بعد إن شاء الله " 0

(3) زاد المعاد: 4/ 240 0

سؤالاً واختباراً عن أمر له جهات، فهو أعم في اللغة من " كيف " ومن " أين " ومن " متى "، هذا هو الاستعمال العربي في " أنَّى " (1) 0

قال الشنقيطي في أضواء البيان: قوله] فأتوا [أمر بالإتيان بمعنى الجماع] حرثكم [يبين أن الإتيان المأمور به إنما هو في محل الحرث، يعني بذر الولد بالنطفة، وذلك هو القبل دون الدبر، كما لا يخفى0 لأن الدبر ليس محل بذر للأولاد، كما هو ضروري (2) 0

ومما يؤيد هذا التفسير ماجاء في سبب نزول هذه الآية عن جابر، قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها، كان الولد أحول، فأنزل الله عز وجل:] نِسَاؤُكُمْ حَرْثُُ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [(3) 0 وفي لفظ الزهري عند مسلم " إن شاء مجبية، وإن شاء غير مجببية، غير أن ذلك في صمام واحد " (4) 0

ومن السنة فقد استدل جمهور العلماء بأحاديث الباب التي تنص على إباحة الحال والهيئات كلها،إذا كان الوطء في موضع الحرث وحرمة إتيان المرأة في الدبر (5) 0

¨ دليل المعقول: واستدل الجمهور على الحرمة بدليل المعقول، فقالوا: إذا كان الله حَرَّمَ الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض كالحيض والنفاس، فما الظنُّ بالحُشِّ الذي هو محل الأذى اللازم، مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جداً من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان (6) 0

وقد قال أصحاب أبي حنيفة (7): أنه عندنا ولائط الذكر سواء في الحكم،

(1) تفسير القرطبي: 1/ 901 0

(2) أضواء البيان، لمحمد الأمين الشنقيطي: 1/ 143 0

(3) سبق تخريجه في أحاديث الباب 0

(4) هذه الزيادة انفرد بها الزهري عن باقي الرواة، وهى زيادة ثقة مقبولة 0

(5) أحكام القرآن، لابن العربي: 1/ 174، تفسير أبي السعود: 1/ 223، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 3/ 91 0 (انظر الدراسة الحديثية) 0

(6) ابن القيم في الزاد (4/ 240)، ونقل كثيبر من العلماء هذا المعقول فاكتفينا بالزاد لتوسعه بدليل المعقول، وأصل هذا المعقول قوله تعالى:] ويَسْئَلُونَكَ عَنْ المَحِيض [0

(7) بدائع الصنائع (2/ 1331)، وانظر اختلاف الفقهاء للطبري (ص: 124).

ولأن القذر والأذى في موضع النجو (1) أكثر من دم الحيض، فكان أشنع (2) 0

وللمرأة حق على الزوج في الوطء، ووطؤها في دبرها يُفَوِّت حقها، ولا يقضي وطرَها، ولا يُحَصِّل مقصودها 0

وأيضا: فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل، ولم يُخْلَقْ له، وإنما الذي هُيء له الفرج، فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعاً 0

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير