¨ أما جواب مانقل عن ابن عمر فالآتي:
عن عبيد الله بن عمر بن حفص عن نافع، قال: قال لي ابن عمر: " أمسك علي المصحف يانافع، فقرأ حتى أتى على هذه الآية:] نِسَاؤُكُمْ حَرْثُُ لَكُمْ [0 فقال: تدري يانافع فيمن أنزلت هذه الآية؟ قال: قلتُ: لا 0 قال: فقال: لي في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها 0 فأعظم الناس ذلك، فأنزل الله تعالى:] نِسَاؤُكُمْ حَرْثُُ لَكُمْ [الآية 0 قال نافع: فقُلت لابن عمر: من دبرها في قبلها قال: لا، إلا في دبرها " 0
(1) الحاوي الكبير، شرح مختصر المزني للماوردي: 9/ 320 0
وله طرق عن ابن عمر ومتابعة الرواة لنافع فيها (1) 0
قال الحافظ بن حجر في " الفتح " ورواية ابن عمر لهذا المعنى صحيحة مشهورة من رواية نافع عنه بغير نكير أو يرويها عنه زيد بن أسلم!! (2) 0
ورواها الإمام الطبري في " التفسير " بإسناد صحيح عنه (3) 0
أخرجها إسحاق بن راهويه في " التفسير " كما في " الدر المنثور " ـ 0 فالأثر ثابت وصحيح 0
غير أنه وردت رواية عن ابن عمر t تنص على القول بتحريم إتيان الدبر، وقد صح عنه t أنه أنكر ذلك فيما روى النسائي من رواية الحارث بن يعقوب عن سعيد بن يسار قال: قلتُ لابن عمر إنا نشتري الجواري فيحمض لهن، قال: وما التحميض؟ قال: إتيانهن في أدبارهن 0 فقال ابن عمر: أو يفعل هذا مسلم "؟ 0
أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (5) بإسناد حسن، والدارمي في " السنن " (6) بإسناد حسن 0
قال الإمام الذهبي في " السير ": " وقد جاءت رواية أخرى عنه ـ أي عن نافع، عن ابن عمر ـ بتحريم أدبار النساء (7) 0
¨ كلام أهل العلم في التوفيق بين القولين:
ذهب بعض الفقهاء إلى أن ما ذهب إليه ابن عمر، إنما هو وهم في فهم الآية من أنها تدل على الإباحة 0
(1) التلخيص الحبير لابن حجر: 185/ 3 ـ 4 0
(2) فتح الباري: 8/ 190 0
(3) تفسير الطبري: 2/ 394 0
(4) 2/ 635 0
(5) 3/ 40 0
(6) 1/ 260 0
(7) 5/ 100 0
وإلى هذا ذهب ابن عباس t فقد روى أبو داود عن طريق محمد بن إسحاق عن ابن صالح، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: " إن ابن عمر والله يغفر له أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار ـ وهم أهل وثن ـ مع هذا الحي من يهود، وهم أهل الكتاب ـ وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم 0 وكان من أمر أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلا على حرفٍ، وذلك أستر ماتكون المرأة، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم، وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحاً مبكراً ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات، ومستلقيات، فلما قدم المهاجرون المدينة، تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار، فذهب يصنع بها ذلك 0 فأنكرته عليه وقالت: إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني، حتى سرى أمرهما، فبلغ ذلك رسول الله ً، فأنزل الله عز وجل:] نِسَاؤُكُمْ حَرْثُُ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [0 أي: مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد (1) 0
¨ وذهب بعض العلماء إلى القول بوهم النقلة عن ابن عمر نفى الوهم عنه:
قال ابن القيم (2): روى النسائي عن أبي النضر، أنه قال لنافع: قد أكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر: أنه أفتى بأن يؤتى النساء في أدبارهن، قال نافع: لقد كذبوا عليَّ، ولكن سأخبرك، كيف كان الأمر؟ إن ابن عمر عرض المصحف يوماً، وأنا عنده، حتى بلغ:] نِسَاؤُكُمْ حَرْثُُ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [0 قال: يانافع، هل تعلم ما أمر هذه الآية؟ إنا كنا معشر قريش نجبي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ماكنا نريد من نسائنا، فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه 0 وكانت نساء الأنصار إنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل الله عز وجل:] نِسَاؤُكُمْ حَرْثُُ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [0
(1) أخرجه الطبراني في " الكبير ": رقم 11097، والحاكم في " المستدرك ": 2/ 1950وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وصحح إسناده إسناده العلامة أحمد شاكر في " عمدة التفسير ": 2/ 191 0
(2) تهذيب السنن ـ (3/ 790) بحاشية معالم السنن ـ للإمام ابن القيم، تحقيق أحمد شاكر ومحمد حامد الفقي 0
¥