السابع: أنه سبب من الأسباب التي حفظت بها الشريعة فإن حفظ الشريعة يكون بحفظ مصادرها، وأصول الفقه قد تولى ذلك بكل اهتمام ورعاية.
الثامن: أنه يعرف الطالب الأسس والقواعد والمناهج التي يتعامل في ضوئها مع أدلة الشريعة.
التاسع: أن الطالب يتعرف بدراسته على مآخذ مذاهب أهل العلم فيما ذهبوا إليه من الاختيارات الفقهية، فإن الاختلاف بين أهل العلم في مسائل الفقه غالباً ما يعود إلى الخلاف في تأسيس قاعدة أصولية.
العاشر: أن دراسة الأصول تفيد الطالب الجزم اليقيني عن علم ودراية أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وتعطيه القدرة التامة على إقناع الغير بذلك متى ما أحكم دراسة هذه الأسس التي تبحث في أصول الفقه.
الحادي عشر: أن دراسته توصل الطالب لمرتبة الترجيح في مسائل الخلاف ومعرفة الصواب من الخطأ والراجح من المرجوح.
الثاني عشر: أن دراسته توصل الطالب إلى إتقان تخريج الفرع على أصولها ورد الجزئيات إلى كلياتها.
الثالث عشر: أنه علم يحتاجه أهل الفنون الشرعية، فطالب الحديث يحتاج إلى الأصول وطالب التفسير يحتاج إلى الأصول وطالب الفقه يحتاج إلى الأصول وهكذا وهذا يفيدك أهمية هذا العلم العظيم، فهذه نبذ في أهمية اقتضاها المقام وسمح بها البال والله والمستعان وعليه التكلان والله أعلم.
****
سـ4/ تسمى كثير من كتب الأصول علم العقيدة بعلم الكلام فما الحكم في هذه التسمية وما أساسها؟
جـ/ أقول: هذه التسمية خطأ محض وبدعة وضلالة، لكن من نقلت عنه ووجدت عنده لا يقصد بها إلا الخير إن شاء الله تعالى وإنما قلد في نقلها، وهذا من باب الاعتذار فقط وإلا فسلامة القصد لا تسوغ الوقوع في المخالفة وبناء عليه فهي كلمة مبتدعة وتسمية محدثة والواجب إنكارها وإفرادها بالتعليق من الذين تولوا شرح الكتب الأصولية التي ذكرتها، والحذر والتحذير منها، وأساس هذه الكلمة يرجع لأمرين:
أحدهما: أن من أكبر المسائل التي وقع فيها الخلاف بين أهل القبلة هي مسألة الكلام أي إثبات كلام الله جل وعلا فلكثرة الخلاف فيها كثر الكلام والأخذ والرد في هذه المسألة حتى صارت علماً على التوحيد فصاروا يسمون التوحيد والعقيدة بعلم الكلام نسبة إلى كثرة الخلاف في هذه المسألة، وهذا خطأ محض وسوء فهم لأن خلاف الطوائف الضالة الزائغة عن الصراط المستقيم والنهج السليم لا اعتداد به لا عبرة به البتة، ولذلك فإن خلافهم هذا لا أثر له في انعقاد الإجماع كما هو متقرر عند أهل السنة فإذا سمينا علم العقيدة بعلم الكلام نظراً إلى هذا الخلاف فإننا نكون بذلك قد جعلنا خلافهم من الخلاف المعتبر وهذا لا يجوز, ويقال أيضاً:- أنه لو جاز تسمية علم العقيدة بعلم الكلام نظراً إلى كثرة الخلاف في هذه المسألة لساغ أيضاً أن يسمى علم العقيدة بعلم العلو لأن مسألة العلو فيها خلاف طويل وكلام كثير، بل أكاد أجزم أن الخلاف في مسألة العلو أكثر منه في مسألة الكلام ولساغ أيضاً أن نسمي علم التوحيد بعلم الرؤية لأن مسألة الرؤية من المسائل التي كثر الخلاف حولها، وهذا لا يقوله أحد عاقل يعلم ما يقول فكذلك تسميتهم هذه لا أصل لها فالواجب اطراحها وتنزيه كتب الهداية منها.
الثاني: أن قائل ذلك ظن أن علم العقيدة يستمد أصوله وأسسه من علم الكلام وهذا ظن فاسد صادر من عقل عاطل وقلب فارغ من الاعتقاد الصحيح، وما هو علم الكلام حتى نأخذ منه أصولاً وأسساً؟ إن هو إلا نتاج عقول البهائم السائمة في براري الضلالة، وقيح تقيحته الأفهام الغارقة في مستنقعات الغواية والشبهة وهل أفسد على كثير من أهل العلم علومهم إلا علم الكلام، فهو علم لا خير فيه إلا نزراً يسيراً لا يذكر في جانب سيئاته التي غطت بقاع الأرض، ولا أعلم أن فناً من الفنون الشرعية يحتاج في معرفته إلى علم الكلام، بل كل العلوم الشرعية مستغنية عنه، فإن غالبه مرتكز على القواعد المخالفة للمنقول والمناقضة للمعقول ولذلك فإنه لا يجوز للطالب أن يقرأ في كتبه قبل التضلع من علوم الكتاب والسنة، وإذا نظر فيها فلا ينظر فيها بقصد الهداية وإنما ينظر فيها بقصد الرد وكشف عوار المتكلمين وإلا فليتركها والسلامة لا يعدلها شيء، فعلم العقيدة لا يستمد شيئاً من علم الكلام، بل إن علم العقيدة قد أعد عدته ودخل في حروب كثيرة كبيرة مع هذا العلم الفاسد حتى أرداه قتيلاً مضرجاً بدمائه، فكيف
¥