تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جـ/ أقول: ينقسم الواجب بهذا الاعتبار إلى قسمين إلى واجب مخير وواجب معين فأما الواجب المعين فهو ما طلبه الشارع بعينه دون تخيير بينه وبين غيره أي أنه خصلة واحدة فقط وذلك كالصلوات الخمس وصيام رمضان والزكاة ونحو ذلك، وهذا النوع أكثر الواجبات، وحكمه: أن ذمة المكلف به لا تبرأ إلا بفعله هو بعينه، وأما الواجب المخير أو المبهم فهو ما طلبه الشارع لا بعينه بل خير الشارع في فعله بين أفراده المعينة المحصورة وقال ابن تيمية في تعريفه (المأمور المخير هو الذي يكون أمر بخصلة ٍ معينة) ا. هـ. وذلك ككفارة اليمين، وجزاء الصيد، وفدية الأذى، فأما كفارة اليمين فكما في قوله تعالى ?لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ .... الآية? وأما جزاء الصيد فكما في قوله تعالى ?وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ .... الآية? وأما فدية الأذى فكما في قوله تعالى ?فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ? وفي الصحيح من حديث كعب بن عجرة أنه قال في آية الفدية: نزلت فيَّ خاصة وهي لكم عامة، حملت إلى رسول الله ? والقمل يتناثر على وجهي فقال» ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى، أتجد شاة «قال: لا، قال» فصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكن مسكين نصف صاع «ولهذا الحديث ألفاظ أخرى في الصحيح. فهذا يسميه أهل العلم رحمهم الله تعالى بالواجب المخير، أي أن الواجب ليس هو كل هذه الخصال، وإنما الواجب منها واحدة فقط، وترك الشارع حرية الاختيار للمكلف فأي خصلة من هذه الخصال فعلها المكلف فقد برئت ذمته، وهذا باتفاق المسلمين، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى (فهذا - أي الواجب المخير - اتفق المسلمون على أنه إذا فعل واحداً منها برئت ذمته، وأنه إذا ترك الجميع لم يعاقب على ترك الثلاثة) ا. هـ. وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في إثبات هذا الواجب، ولكن لا شأن لنا بهذا الخلاف وإنما المهم عندنا القول الراجح، فالقول الصحيح هو أن الواجب المخير ثابت في الشريعة ودليله الوقوع كما مثلنا لك سابقاً، بل والعقل لا يمنع من ذلك فإن السيد لو قال لعبده ابن هذا الحائط أو خط هذا الثوب، أي هذين فعلت فقد امتثلت، ولا أوجب عليك الجميع، فهذا القول لا يعارض فيه عاقل، بل هو قول صحيح لا غبار عليه، وبالجملة فدليل الوقوع في الشرع كافٍ في إثباته ولا شأن لنا بخلاف المعتزلة فيه والله أعلى وأعلم.

****

سـ19/ هلّا ضربت لنا أمثلة توضح لها مسألة الواجب المخير؟

جـ/ أقول: نعم وعلى الرحب والسعة وهي كما يلي:

منها: كفارة اليمين كما قدمنا ذلك، فإن الحانث فيها مخير بين الإعتاق والإطعام والكسوة، أي واحدة من هذه الثلاث فعل فقد قام بالواجب وبرئت ذمته.

ومنها: جزاء الصيد كما قدمنا لك ذلك، فإن من قتل الصيد متعمداً مخير في جزائه بين إخراج ما يماثله من النعم والذي يقرر هذا المثل عدلان عارفان بمثل هذه الأمور وإن شاء يقيم المثل ويخرج بقيمته كفارة طعام مساكين وإن شاء فليعرف قدر الأصواع في الإطعام وليصم مكان كل صاع يوماً، أي ذلك فعل فقد برئت ذمته وقام بالواجب عليه.

ومنها: كفارة فدية الأذى كما قدمنا لك ذلك فمن حلق رأسه وهو محرم أو غطاه أو لبس المخيط أو تطيب أو قلم أظفاره فإن عليه فدية أذى وهو فيها مخير بين ثلاث خصال، أن يذبح دماً، وإن شاء فليصم ثلاثة أيام وإن شاء فليطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أي ذلك فعل فقد برئت ذمته وقام بما أوجب الله عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير