تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها: إذا بال الإنسان أو تغوط فإنه بين واجبين هو مخير بينهما إما يزيل أثر الخارج بالأحجار وإما يزيله بالماء، فهما واجبان لابد له من أحدهما وهذا من الأمثلة الصحيحة التي لم نرها في كتب الأصول.

ومنها: صفات الأذان الواردة أعني أذان بلال أو أذان أبي محذوره فإذا دخل وقت الصلاة فإن علينا أحد هذين الواجبين إما نؤذن بهذا الأذان أو بهذا الأذان والواجب منهما واحد لا بعينه ويترك الاختيار فيه إلى المؤذن والله أعلم. فهذه بعض الأمثلة على مسألة الواجب المخير والله أعلم.

****

سـ20/ ما القاعدة في العبادات المؤقتة بوقت مع بيانها بالدليل والتفريع؟

جـ/ أقول: القاعدة في ذلك تقول (العبادات المؤقتة بوقت تفوت بفوات وقتها إلا من عذر) وقد شرحنا هذه القاعدة في تلقيح الأفهام وبيانها أن يقال: إن العبادات باعتبار التوقيت من عدمه قسمان: عبادات مؤقتة وعبادات مطلقة عن الوقت، أي غير مؤقتة، والكلام في هذه القاعدة ليس عن العبادات المطلقة عن الوقت وإنما هو خاص في العبادات المؤقتة بوقت، وهذه العبادات المؤقتة بوقت باعتبار وقتها لا تخلو من ثلاث حالات: إما أن تفعل قبل وقتها وإما أن تفعل أثناء وقتها وأما أن تفعل بعد وقتها، فأما فعلها قبل وقتها فلا يجوز ولا تبرأ به الذمة، كمن صلى الفريضة قبل وقتها بلا مسوغ شرعي كجمع التقديم إذا توفر سبب الجمع، وكمن ذبح الهدي قبل يوم العيد، وكمن حلق رأسه في عرفة وكمن ذبح أضحيته قبل الصلاة أي صلاة العيد وكمن وقف بعرفة في اليوم الثامن ونحو ذلك، فكل ذلك لا يقع عن المأمور به ولا تبرأ به الذمة، ويجب عليه أن يعيد الواجب إذا دخل وقته، وأما فعلها في أثناء وقتها فهذا هو الواجب عليه ولا كلام لنا في هذه الحالة لأنها معلومة للمكلف بالضرورة، وأما إذا فعلت بعد وقتها فلا يخلو من حالتين: إما أن يكون أخرجها عن وقتها بالعذر الشرعي وإما أن يكون بلا عذر شرعي، فإن كان بالعذر الشرعي فإنه يسوغ له قضاؤها وأما إذا كان بلا عذر شرعي فلا يسوغ له قضاؤها، ولو فعلت بعد وقتها ألف مرة فإنها لا تجزئ عنه ولا تبرأ بها ذمته بل عليه التوبة النصوح المستجمعة لشروطها وأن يكثر من التطوع بجنسها عسى أن يسد هذا الخلل الذي حصل وهذا القول وإن كان القائل به هم القلة إلا أن الحق لا يعرف بكثرة ولا بقلة وإنما يعرف بالحق بموافقة الكتاب والسنة من عدم الموافقة، فالحق الحقيق بالقبول في هذه المسألة هو أن العبادة المؤقتة تفوت بفوات وقتها إلا من عذر، والدليل على هذه القاعدة عدة أمور:

فمن الأدلة: أن الأدلة في إثبات حق القضاء إنما وردت في حق المعذور فقط دون غيره، كما في قوله ?» من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك «وكما في قوله تعالى ?فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ? ولا يصح إلحاق المتعمد به لأنه يكون قياساً مخالفاً للنص ولأنه قياس مع الفارق فالمعذور يستحق الرحمة والتخفيف بخلاف المتعمد، فإن المعذور لم يتجانف الإثم فلم تحرمه الشريعة من تدارك هذه المصلحة الفائتة وأما المتعمد فإنه آثم عاصٍ قد فوت المصلحة باختياره وكامل إرادته رغبة عنها واشتغالاً بغيرها فهو متجانف لإثم، فكيف يقاس الآثم على غير الآثم؟ وكيف يقاس المجرم على المتقي؟ ?أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ?.

ومن الأدلة: ما في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ?» الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله «وفي الصحيح من حديث بريدة مرفوعاً» من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله «ووجه الاستشهاد أنه لو كان يمكنه الاستدراك بفعل الصلاة خارج وقتها لم يكن موتوراً في أهله وماله ولم يكن عمله حابطاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير