تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الأدلة: حديث أبي هريرة ? قال: قال رسول الله ?» من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر «ووجه الاستشهاد أنه لو كان فعلها بعد غروب الشمس وحلول وقت المغرب صحيحاً مطلقاً لكان مدركاً لها سواءً أدرك ركعة قبل الغروب أو لم يدرك، ولأن النبي ? إنما خص من أدرك ركعة قبل الغروب فيخرج بذلك من عداه، ولأن اعتباره مدركاً للعصر ولو بعد الغروب يبطل قيداً اعتبره الشارع وهو إدراكه بركعة، ولأن مفهوم الحديث قاضٍ بأن من لم يدرك من العصر ركعة فإنه لا يعد مدركاً لها وقد تقرر في الأصول أن مفهوم المخالفة حجة.

ومن الأدلة: أن فعل العبادة في غير وقتها، غير مشروع وما كان غير مشروع فهو مردود على فاعله لأن هذه الصلاة التي أوقعها بعد إخراجها عمداً عن وقتها لم يوقعها في الوقت الذي أمره الشارع أن يوقعها فيه، فصلاته خارج الوقت فعل ليس عليه أمر الشارع وقد قال عليه الصلاة والسلام» من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد «"رواه مسلم".

ومن الأدلة: أن الشارع أوجب الفعل بصفةٍ معينة وهي: كونه في وقت معين وهذه الصفة من آكد صفات الفعل ووجباته، حتى إنه يترك من أجله كثيراً من واجبات هذا الفعل، فإذا فعل الفعل الواجب خارج وقته فإنه لم يأت بالفعل الواجب على الصفة التي أوجبها الشارع عليه، فلم يفعل ما وجب عليه على الوجه الشرعي الذي وجب عليه، ومن لم يأت بالعبادة على وجهها الشرعي فإنها لا تقبل منه.

ومن الأدلة: أنه قد تقرر في القواعد أن العبادة لا تقبل إلا إذا توفرت شروطها وانتفت موانعها، ومن المعلوم أن الوقت هو آكد الشرائط، فإذا فعلت العبادة خارج وقتها فإنها تكون بذلك قد فقدت شرطاً من شروط صحتها وقد قررنا أن العبادة لا تقبل إلا بشروط صحتها فحيث تخلف شرط الوقت قلا تقبل هذه العبادة ولا تصح وإنما قلنا (إلا بعذر) لأن الدليل دل على جواز فعل العبادة بعد وقتها بسبب طروء العذر المانع من فعلها في وقتها، فإن قيل لنا: ولماذا تبطلون هذه العبادة التي فعلت بعد وقتها؟ فنقول: لأنها فقدت شرطاً من شروط صحتها وهو الوقت وهذا واضح.

ومن الأدلة: قياس شرط الوقت على شرط استقبال القبلة فكما أنه لا يجوز الإخلال بشرط استقبال القبلة فكذلك لا يجوز الإخلال بشرط الوقت بجامع أن كلا منهما شرط من شروط صحة الصلاة، وكما أنه لو صلى إلى غير جهة القبلة بطلت صلاته فكذلك لو صلى خارج الوقت بطلت صلاته.

ومن الأدلة: قياس التوقيت الزماني على التوقيت المكاني، فإن من العبادات ما هو محدد بمكان معين كالوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة وبمنى والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ونحو ذلك، فهذه العبادات قد حدد لها مكان معين فلو أن المكلف أخرجها عن مكانها وفعلها في غيره لما صحت منه فلو أنه طاف بغير البيت العتيق لما صح طوافه ولو أنه سعى بين جبلين من جبال الدنيا غير الصفا والمروة لما صح سعيه ولو أنه وقف خارج حدود عرفة لما صح وقوفه وهكذا فإذا كان التحديد المكاني لا يجوز الإخلال به، فكذلك التحديد الزماني لا يجوز الإخلال به، وهذا قياس صحيح.

ومن الأدلة: أن هناك عبادات مؤقتة بوقت لو أخرجت عن وقتها لما صحت كالوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة والمبيت بمنى ليالي أيام التشريق، فإذا فعلت بعد أوقاتها المشروعة لما صحت وسبب عدم الصحة فوات الوقت، فصار فوات الوقت مؤثراً في الإبطال، فكذلك يقال في سائر العبادات المؤقتة لأنها باب واحد فيكون القول فيها قولاً واحداً ومن فرق القول في الباب الواحد فقد وقع في التناقض.

ومن الأدلة: أنه لو فعل هذا الواجب قبل وقته لما صح منه عندنا وعند المخالفين فكذلك لو فعل بعد وقته، ولا فرق بينهما لأن الكل إتيان بالواجب في غير وقته فيعلل في الأول: أنه لم يدخل وقتها، ويعلل في الثاني: أنه خرج وقتها. والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير