تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أو تخلف فاعلم أن هذا الشرط يدخل تحت قاعدة (ما لا يتم تحقق الواجب وصحته إلا به فهو واجب) وعلامة هذه الشروط دخول تحت قدرة العبد ومطالبته بها فإذا علمت ذلك وفهمته فهماً جيداً فانظر في شرط الإسلام، هل إذا انعدم الإسلام انعدم وجوب العبادة في الذمة أصلاً، أي أن الصلاة لا تجب في ذمة الكافر والزكاة لا تجب في ذمة الكافر والحج لا يجب في ذمة الكافر والصيام لا يجب في ذمة الكافر، أم أن هذه الأشياء تجب في ذمة الكافر ولكن تتوقف صحتها على الإسلام؟ فإن كان الجواب هو الأول فإن الإسلام يدخل تحت قاعدة (ما لا يتم الوجوب إلا به فليس بواجب) وإن كان الجواب هو الثاني، فإنه يدخل تحت قاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) والجواب الصحيح هو أن الإسلام يدخل تحت القاعدة الثانية لا الأولى وبيان ذلك من وجوه:

الأول: أننا قدمنا لك قبل قليل أن الشروط التي يتعلق بها الوجوب تعرف بعدم دخولها قدرة المكلف، والإسلام باتفاق العقلاء من الأمور التي تدخل تحت قدرة المكلف، وتعرف أيضاً بأنها وإن دخلت تحت قدرته فإن العبد غير مأمور بها ولا مطالب بتحصيلها، والإسلام شيء مأمور به باتفاق المسلمين وذلك للآيات والأحاديث المتواترة، قال تعالى ?إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإسْلامُ? وقال تعالى ?وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ? وقال عليه الصلاة والسلام» أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ... الحديث «"متفق عليه" والأدلة على الأمر بالإسلام كثيرة لا تكاد تحصر فالإسلام شرط يدخل تحت القدرة، وقد أمر المكلف به، فلا يمكن أبداً أن يقال (فليس بواجب) ولذلك قلنا إنه يدخل تحت القاعدة الثانية.

الثاني: أن الأدلة وردت بأن الكفار معذبون على ترك بعض العبادات بخصوصها، كما في قوله تعالى ?مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ? فهم كفروا بالأمر الأخير وهو التكذيب بيوم الدين ومع ذلك عذبوا على ترك الصلاة وترك إطعام المسكين والخوض مع الخائضين وهذا يدل على أنهم كانوا مطالبين بها إذ لو لم يكونوا مطالبين بها لما عذبوا على تركها فدل ذلك على أن الإسلام لا تعلق به بوجوب العبادة في الذمة، فالعبادة واجبة في الذمة سواء وجد الإسلام أو لم يوجد، ومثل ذلك قوله تعالى ?وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ... الآية? ومن جملة ما فسرت به الزكاة المالية المفروضة في أموالهم، فلما توعدهم بالويل على ترك الزكاة أفاد ذلك أنهم كانوا مخاطبين بها ومأمورين بها وبكل ما تتوقف صحتها عليه، فلو كان الإسلام شرطاً في وجوب الزكاة لانعدم وجوبها بانعدامه ولو انعدم وجوبها أصلاً لما عذبوا عليه ولما توعدهم الله هذا الوعيد الشديد، فدل ذلك على أن الزكاة كانت واجبة عليهم في الذمة سواءً وجد الإسلام أو لم يوجد، فإذا كان هذا شأن الكفار مع الصلاة والزكاة وحفظ اللسان وإطعام المسكين فلا شك أن غيرها يدخل معها من باب أولى، فالقول الصحيح الذي لا نشك فيه طرفة عين هو الإسلام يدخل تحت قاعدة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) أي أن الإسلام شرط لصحة العبادة وليس شرطاً لوجوب العبادة، أي أن العبادات تجب في ذمة الكافر، ولكنها لا تصح منه إلا إذا قدم شرط صحتها ومن شروط صحتها الإسلام، فالإسلام شرط صحة لا شرط وجوب. وأضرب لك مثالاً يتضح لك به الأمر فأقول:-

أرأيت الطهارة فإنها شرط للصلاة، لكن هل هي شرط وجوب أم شرط صحة؟ فإذا قلت إنها شرط وجوب فمعنى هذا أن الصلاة لا تجب على المحدث، فلو بقي محدثاً طيلة الوقت لما على تركها لأنها لم تجب عليه، ولا أظن أحداً يقول ذلك وبه تعلم أن الطهارة شرط صحة أي أن الصلاة تجب على المكلف إذا دخل وقتها سواء تطهر أو لم يتطهر، ولكنها لا تصح منه إلا بعد الإتيان بشرط الطهارة، وكذلك الإسلام، فإن الصلاة تجب على الكافر إذا دخل وقتها ولكنها لا تصح منه إلا بتقديم الإسلام، فالإسلام للصلاة كالطهارة للصلاة كلاهما شرط صحة، والكفر كالحدث فكما أن الحدث لا يمنع وجوب الصلاة في ذمة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير