تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الأدلة أيضاً:- ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ? قال: قال رسول الله ?» اجتنبوا السبع الموبقات «قالوا: يا رسول الله وما هن؟ فقال» الشرك بالله والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات «فوصف النبي ? هذه الذنوب بأنها موبقات يفيد أن تحريمها أعظم وأشد وآكد من تحريم غيرها وأن العقوبة عليها أعظم واشد وآكد، فلو كان تحريم المحرمات على درجة واحدة لكانت كل المحرمات موبقات ولما كان لتخصيص هذه السبع بالذكر فائدة وهذا واضح.

ومن الأدلة أيضاً:- ما في الصحيحين من حديث أبي بكرة ? أن رسول الله ? قال» ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ «- ثلاثاً – قالوا: بلى يا رسول الله، فقال» الشرك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور «وكان متكئاً فجلس فقال» ألا وقول الزور وشهادة الزور «فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت, فوصف النبي ? هذه الذنوب بأنها أكبر الكبائر دليل على أن من الذنوب والمحرمات ما هو صغير وأكبر وأكبر منه، وهذا هو ما نعنيه بالتفاوت في نفس التحريم، كما هو مذهب أهل السنة ولا عبرة بمن تأثر بمذاهب المتكلمين الذين أوغلوا بآرائهم في علم الأصول حتى صارت عمدة عند بعض من جاء بعدهم، والله المستعان.

ومن الأدلة أيضاً:- ما في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ?:-» إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه «قالوا يا رسول الله وكيف يشتم الرجل والديه فقال» يسب الرجلُ أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه «ووجه الدلالة منه كالذي قبله سواءً بسواء.

ومن الأدلة أيضاً:- حديث أنس في الصحيحين قال: سئل رسول الله ? عن الكبائر فقال» الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وشهادة الزور «.

ومن الأدلة أيضاً:- الاستقرار الفطري، فإن النفوس قد فطرت على معرفة ذلك من غير سبق تعليم، أن المحرمات بعضها أعظم من بعض، فلو سألنا أعرابياً في باديته أيهما أشد قبحاً وأعظم تحريماً مجرد النظرة للمرأة الأجنبية أم الزنا؟ لبادر بالجواب مباشرة بأن الزنا أعظم قبحاً وأشد تحريماً ولا أظن عاقلاً ذا فطرة سليمة وليس بمعاندٍ ولا بمكابر يخالف في ذلك، ولو سألنا أي رجل في الدنيا وقلنا: أيهما أشد قبحاً وأعظم تحريماً القران بين التمرتين أم قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق؟ لبادر بالجواب مباشرة أن القتل أعظم تحريماً وأشد قبحاً وأكبر عقوبة وهكذا، فالعقول والفطر تثبت الإثبات القطعي الذي لا ريب فيه أن المحرمات ليست على درجة واحدة في التحريم، كما أن الواجبات أيضاً ليست على درجة واحدة في الإيجاب وهذا يعرفه كل أحد وبالجملة فهما مسألتان: تفاوت الواجبات وتفاوت المحرمات ومذهب أهل السنة رحمهم الله تعالى فيهما أن الواجبات تتفاوت في الإيجاب والثواب، وأن المحرمات تتفاوت في التحريم والعقاب والله أعلى وأعلم.

سـ32/ هل ترد الكراهة في النصوص وكلام بعض العلماء ويراد بها التحريم؟ وضح ذلك مع ذكر الأدلة والأمثلة؟

جـ/ أقول:- نعم، وهذا كثير، ويعرفه من نظر في كتب السلف الأوائل كما سنذكر لك طرفاً كبيراً من الأمثلة عليه، فالكراهة في القرآن والسنة أكثر ورودها إنما يراد منه التحريم صراحة، أي أن القرآن والسنة يذكران أشياء محرمة ثم يعبران عن التحريم بالكراهة، فيكون المراد من الكراهة المذكورة التحريم، هذا في الغالب الكثير، بل في الأغلب الأكثر، كقوله تعالى ?وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ... ? ثم قال بعدها ?وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى ... ? ثم قال بعدها ?وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ... ? ثم قال بعدها ?وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ... ? ثم قال بعدها ?وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ... ? ثم قال بعدها ?وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً ... ? ثم قال بعد ذلك كله ?كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً? فإني لا أخالك تتوقف من أن المراد بقوله (مكروهاً) أي محرماً فإن جميع الأشياء المذكورة من جملة المحرمات المتفق على تحريمها، ومع ذلك قال (مكروهاً) مما يدل على أن الكراهة في نص الشارع في الأغلب الأكثر إنما يراد بها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير