تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مسلم في صحيحه من حديث جابر بن سمرة ? أنه قال» كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده «وهذا واضح إن شاء الله تعالى فهذه بعض الصيغ التي أقرها أهل العلم في معرفة المندوب وذكرناها لك بالأمثلة فعسى الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما ذكرناه والله أعلى وأعلم.

****

سـ35/ ما الحكمة الشرعية المتقررة بالأدلة في مشروعية المندوبات أي لماذا شرعت المندوبات؟ وضح ذلك بالشرح والتدليل؟

جـ/ أقول: لقد دلت الأدلة الشرعية أن المندوبات شرعت لعدة حكم ودونك بيانها بأدلتها:-

فمنها: للوصول إلى محبة الله تعالى، أعني بها المحبة الصادرة منه لنا، والتي هي صفة من صفاته الفعلية على ما يليق بجلاله وعظمته، وفي ذلك يقول النبي ? فيما يرويه عن ربه عز وجل» ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها، ولئن استعاذني لأعيذنه ولئن سألني لأعطينه «فإن الفرائض وإن كانت موصلة لمحبة الله تعالى إلا أن العبد بالنوافل لا يزال يترقى في درجات محبة الله تعالى حتى يبلغ فيها الدرجات العلى والمنازل السامية.

ومنها: تكميل الواجبات فإن من حكمته جل وعلا ورحمته بعباده أنه شرع المندوبات من الأعمال لتكميل نقصٍ قد حصل في الواجبات فلا تجد عبادة من أصول العبادات الواجبة إلا ولها من النفل ما يكملها فالصلاة فيها فريضة وندب والصوم فيه فريضة وندب والزكاة والحج والعمرة فيها فريضة وندب فالمستحبات تكون خادمة للواجبات ومكملة لها وجابرة للنقص الحاصل فيها، قال الإمام ابن ماجة في سننه:- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن بشار قالا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن علي بن زيداً عن أنس بن حكيم الضبي قال: قال لي أبو هريرة ? إذا أتيت أهل مصرك فأخبرهم إني سمعت رسول الله ? يقول» إن أول ما يحاسب به العبد المسلم يوم القيامة الصلاة المكتوبة فإن أتمها وإلا قيل: انظروا هل له من تطوع؟ فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك «"حديث صحيح" وقال ابن ماجة أيضا:- حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري عن النبي ? (ح) وحدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا عفان، قال حدثنا حماد قال: أنبأنا حميد عن الحسن عن رجل عن أبي هريرة، وداود بن هند عن زرارة بن أوفى عن تميم الداري عن النبي ? قال» أول ما يا يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن أكملها كتبت له نافلته، وإن لم يكن أكملها قال الله سبحانه لملائكته: أنظروا هل تجدون لعبدي من تطوع؟ فأكملوا بها ما ضيع من فريضته ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك «"حديث صحيح" وجه الدلالة منها واضحة.

ومنها: أن المندوبات سياج المفروضات، أي أن المحافظة على الندب جعل كالسياج الحافظ من ترك الفرائض، فإن من كان محافظاً على المستحبات فإنه وبلا شك يكون أشد محافظة على المفروضات ولذلك فإن الشيطان لا يطمع في أن يترك الفرائض من كان محافظاً على المستحبات، ولذلك فإنك تجده أول شيء يحاول في أن يترك العبد المستحب فإذا فاز بمطلوبه هان عليه تغريره بترك المفروضات فالتساهل في المندوبات موجب ومفضٍ للتساهل في الفرائض والمحافظة على المندوبات طريق لشد العزائم وتعلية الهمم للمحافظة على المفروضات.

ومنها: تمكين العبد من أن يملأ وقت فراغه بهذه المندوبات فإن المفروضات لا تأخذ وقتاً طويلاً من عمر المكلف، فإذا لم تشرع له هذه النوافل ليملأ بها وقته لتفلتت عليه الأوقات وضاعت عليه اللحظات مع أنه سوف يسأله الله تعالى عنها يوم القيامة ولعلك تفهم هذا من قوله» ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل «وهذه الصيغة تفيد الاستمرار والدوام فالنوافل القولية والعملية والمالية إذا حافظ عليها العبد فإنه لن يكاد له وقتاً يضيعه فضلاً عن أن يواقع فيه شيئاً من المحرمات، وهذا تكميل آخر للمندوب قل من ينبه عليه، فإن للمندوب تكميلين للفرض تكميل في الدنيا وتكميل في الآخرة فأما التكميل في الدنيا فلأن المندوب يكمل إعمار الوقت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير