تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها: ذكر أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى أن الوضوء إذا كان مستحباً فللإنسان أن يقتصر على البعض واستدل على ذلك بوضوء ابن عمر لنومه جنباً إلا رجليه، وهذا يفرع على هذه القاعدة لأن الوضوء المستحب يتوسع فيه ما لا يتوسع في الوضوء الواجب لأن جنس المندوبات أوسع من جنس الواجبات والله أعلم. فهذه بعض الفروع على هذه القاعدة ضربناها لك من باب التوضيح فقط والله أعلم.

****

سـ37/ هل المندوب يلزم بالشروع؟ ما القول الصحيح في ذلك مع بيانه بالدليل والتفريع؟

جـ/ أقول: هذه المسألة خلافية والقول الصحيح فيها أن المندوب لا يلزم بالشروع إلا في النسكين فقط، ونعني بالنسكين أي الحج والعمرة فإذا أحرم بالعمرة أو بالحج نفلاً وجب عليه إتمامه لقوله تعالى ?وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ? وأما سائر المندوبات فإنها لا تلزم بالشروع إلا أن الأفضل بالاتفاق إتمامها والاستمرار فيها وعدم قطعها وهذا هو مذهب جماهير أهل العلم واختاره أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى والدليل على ذلك عدة أمور:-

فمن الأدلة: حديث عائشة السابق عند مسلم في صحيحه وفيه أنها قالت:- ثم أتانا يوماً فقلنا: أهدي لنا حيس فقال:» أرينيه فلقد أصبحت صائماً فأكل «وهذا فيه دليل على أن المتنفل بالصوم يجوز أن يقطعه إن شاء ذلك ودلالة هذا الحديث ليست من قبيل الظاهر، بل هي من قبيل النص، أي أن هذا الحديث نص في الموضوع، فهذا نص صحيح صريح في أن الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء أتم وإن شاء قطع.

ومن الأدلة أيضاً: حديث أم هانئٍ أن رسول الله ? شرب شراباً فناولها الشراب فقالت: أني صائمة ولكن كرهت أن أرد سؤرك، فقال» إن كان قضاءً من رمضان فاقضي يوماً مكانه وإن كان تطوعاً فإن شئت فاقضي وإن شئت فلا تقضي «"حديث صحيح" والظاهر والعلم عند الله تعالى أن صيامها كان نافلة لأن أم هانئ أعلم من أنها تقطع الصوم الواجب، وإنما قطعت صوم النفل ولم يوجب النبي ? عليها فيه قضاء، لأنه قال» وإن كان تطوعاً «أي إذا كان هذا الصوم الذي أفسدتيه تطوعاً،» فإن شئت فاقضي وإن شئت فلا تقضي «فلما لم يوجب عليها فيه قضاء علمنا أن الأمر راجع إلى اختيار الصائم تطوعاً فإن شاء أتمه وإن شاء قطعه، ولا إثم عليه، ثم إن شاء بعد ذلك أن يقضيه فله ذلك وإن لم يشأ فلا حرج عليه ولا إثم، وهو دليل على أن النفل لا يلزم بالشروع والله أعلم.

ومن الأدلة أيضاً:- ما رواه الترمذي في جامعه قال: حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا جعفر بن عون قال حدثنا أبو العميس عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: آخى رسول الله ? بين سلمان وبين أبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال: ما شأنك متبذلة؟ قالت: أن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، قالت فلما جاء أبو الدرداء قرب إليه طعاماً فقال: كل فأني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان من الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم فقال له سلمان: نم فنام ثم ذهب يقوم فقال له: نم فنام، فلما كان عند الصبح قال له سلمان: قم الآن فقاما فصليا، فقال: إن لنفسك عليك حقا ولربك عليك حقاً ولضيفك عليك حقاً وإن لأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حقٍ حقه، فأتيا النبي ? فذكرا ذلك له فقال له» صدق سلمان «"حديث صحيح" وأصله في الصحيح، ووجه الشاهد منه هو أن النبي ? أمر سلمان في تفطيره لأبي الدرداء، وأقر أبا الدرداء على فطره هذا وقطع صومه ولم يأمره النبي ? بقضاء ذلك اليوم الذي قطعه مما يدل على أن المتطوع أمير نفسه إن شاء أتم وإن شاء قطع والله أعلم.

ومن الأدلة أيضاً: ما رواه الترمذي في جامعه قال: حدثنا قتيبة، قال حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن أبن أم هانئٍ عن أم هانئٍ قالت: كنت قاعدة عند النبي ? فأتى بشراب فشرب منه، ثم ناولني فشربت منه فقلت أني أذنبت فاستغفر لي فقال» وما ذاك؟ «قالت: كنت صائمة فأفطرت فقال» أمن قضاء كنت تقضينه؟ «فقالت: لا، فقال» فلا يضرك «"حديث صحيح"ووجه الدلالة منه تجويزه ? لها ذلك الإفطار وإخباره بأنه ليس من الذنوب التي تستوجب أن يستغفر منها وأن هذا الإفطار لا يضرها ويوضحه ما بعده والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير