ومنها: لقد قرر أبو العباس في الفتاوى أنه لا ينبغي المداومة على قراءة سورة السجدة والإنسان في صلاة الفجر يوم الجمعة وذلك حتى لا يظن الظان أنها من الواجبات المتحتمات، وأن تاركها مسيء بل ينبغي تركها أحياناً حتى لا يظن الجاهل أنها من الواجبات وهذا مأخذ صحيح لا غبار عليه. والله أعلم.
ومنها: التورك في الصلاة الرباعية أو الثلاثية هو من سنن الصلاة إلا أنه ومع القول بأنه سنة إلا أنه ينبغي تركه أحياناً وإظهار ذلك ليعلم الجاهل أنه ليس من واجبات الصلاة ولا من السنن المؤكدة الراتبة، فالمستحب للمصلي أن يتركها أحياناً لأن ما ليس بسنة راتبة فالسنة تركه أحياناً وعلى ذلك فقس والله ربنا أعلى وأعلم.
الحالة الثالثة:- من الحالات التي يسوغ فيها ترك المندوب ما اختاره شيخ الإسلام أبو العباس رحمه الله تعالى من أن المندوب إذا صار شعاراً للمبتدعة واختلطوا بأهل السنة فإنه لابد من أن يتميز السني عن المبتدع ولاسيما الرافضة فإذا لم يحصل التميز إلا بترك هذا المندوب المعين في هذه الحالة المعينة فالمشروع فيه الترك، ولا يعني أبو العباس الترك الدائم، بل هو ترك عارض يقصد منه تميز السنة عن المبتدعة وقد نص أبو العباس على ذلك في رده على الرافضي في المنهاج فإنه قال: (إذا كان في فعل مستحب مفسدة راجحة لم يصر مستحباً ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعاراً لهم - أي الرافضة - فإنه لم يترك واجباً بذلك لكن قال: في إظهار ذلك مشابهة لهم، فلا يتميز السني من الرافضي ومصلحة التميز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب وهذا الذي ذهب إليه يحتاج إليه في بعض المواضع إذا كان في الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على مصلحة فعل ذلك المستحب لكن هذا أمر عارض لا يقتضي أن يجعل المشروع ليس بمشروع دائماً) ا. هـ. كلامه رحمه الله تعالى, وهذه المسألة لم أجد لها مثالاً حاضراً في ذهني حال الكتابة ولكن سأبحث عنها إن شاء الله تعالى، فهذه جملة الحالات التي يستحب فيها ترك المندوب والله ربنا أعلى وأعلم.
ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[22 - 05 - 09, 09:38 م]ـ
سـ39/ ما القاعدة فيما لا يتم المندوب إلا به؟ مع التفريع؟
جـ/ أقول: القاعدة في ذلك تقول (ما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب) وبيانها أن يقال: إذا توقف فعل المندوب على شيء فإن هذا الشيء يكون مندوباً وهو مذهب جمهور أهل العلم واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهذا هو الصحيح الذي لا مرية فيه، وهو متفرع على قاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد، ولأن الشريعة إذا أمرت بشيء فإن أمرها هذا يعتبر أمراً بجميع ما لا يتم هذا المأمور إلا به، فإن كان الأمر أمر إيجاب, فهو يعتبر إيجاباً لكل ما لا يتم هذا المأمور الواجب إلا به, وإن كان الأمر أمر استحباب فهو يعتبر أمر ندب لكل ما لا يتم المأمور المندوب إلا به، فوسائل المندوب مندوبة، وهذا من كمال هذه الشريعة زادها الله شرفاً ورفعة وعلى ذلك عدة فروع:-
منها: شراء السواك مندوب لأن الاستياك لا يتم إلا به، والسواك مندوب وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب.
ومنها: قطف السواك إذا لم يتم تحصيله إلا به، فإن هذا القطف يكون مندوباً لأنه يحصل به مندوباً وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب.
ومنها: المشي للمسجد لحضور محاضرة أو ندوة علمية أو درس علمي، هو مندوب لأنه سيحصل بهذا الحضور والمشي شيئاً مندوباً، ولا يتم ذلك المندوب إلا بهذا المشي والحضور, وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب.
ومنها: المشي لزيارة المقابر، فإنه مندوب لأن زيارة القبور مستحبة ولا يتم هذا المندوب إلا بالمشي إليه وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب.
ومنها: شراء القلم لكتابة العلم، فإن هذا الشراء مندوب لأن كتابة العلم مندوبة ولا يتم إلا بشراء القلم وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب والله أعلم.
ومنها: سد الفرجة في الصف الأمامي، فإذا انفتحت أمامك فرجة وأنت في الصف الثاني مثلاً فإنه يندب لك سدها إتماماً للصف المأمور به شرعاً ولا يتم هذا السد المندوب إلا بالمشي عدة خطوات للصف الأول فيكون هذا المشي مندوباً لأن ما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب.
¥