تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنها: إذا جئت إلى المسجد ووجدت رجلاً قد وضع سجادة وذهب وطال غيابه عن المسجد عرفاً فإن حقه في هذا الموضع يسقط ويندب لمن جاء بعده أن يرفع سجادته هذه ليجلس في هذا الموضع، لأن حق الأول فيه قد سقط ولا يجوز هذا التحجر فإن أمكنة المسجد لمن سبق لها، وبناءً على هذا فهذا الرفع أي رفع السجادة مندوب لأنه يتم أمر مندوب وهو التقدم للصفوف الأول وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب. واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

ومنها: شراء السحور وطبخه وتقديمه وما يتعلق به، كل ذلك سنة مندوب إليها لأن السحور من السنن المؤكدة ولا يتم إلا بذلك وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب.

ومنها: شراء التمر للإفطار عليه في رمضان، أو شراؤه لأكله قبل الخروج لصلاة العيد يوم الفطر، كل ذلك مندوب لأن الإفطار عليه مندوب وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب.

ومنها: الذهاب إلى منى للمبيت بها يوم الثامن ليلة التاسع, فإن هذا الذهاب مندوب لأن المبيت هذه الليلة مندوب ولا يتم إلا بالذهاب إليها و مالا يتم المندوب إلا به فهو مندوب.

ومنها: المشي لصلاة الاستسقاء فإنه مندوب لأنها مندوبة وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب، وعلى ذلك فقس والله ربنا أعلى وأعلم.

****

سـ40/ ما القاعدة في المندوب الوارد على صفاتٍ متنوعة؟ مع بيان ذلك بالتفصيل والتفريع؟

جـ/ أقول: القاعدة في ذلك تقول (فعل المندوب على جميع صفاته الواردة مندوب) وذلك أن هناك من المندوبات ما له صفات متعددة، فهو عبادة واحدة بالأصل لكن هذه العبادة المندوبة لها صفات متعددة، فالأفضل في هذه الحالة أن نفعل المندوب على جميع صفاته الواردة، بحيث نفعله بهذه الصفة تارة وبهذه الصفة تارة أخرى وهكذا، حتى نستوفي صفاته الصحيحة الواردة واختار هذا القول شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى وغفر له وأعلا نزله وجزاه الله خير ما جزى عالماً عن أمته، وهذه القاعدة المذكورة ترجع إلى قاعدة قد شرحناها في تلقيح الأفهام وأظنها القاعدة الأولى ونصها يقول (العبادات الواردة على وجوهٍ متنوعة تفعل على جميع وجوهها في أوقات مختلفة) ولكن بما أن هذه القاعدة يدخل تحتها العبادات الواجبة والعبادات المندوبة، خصصنا العبادات المندوبة بالذكر بالقاعدة المذكورة في أول الإجابة، فالسنة والمستحب أن لا تهمل من هذه الصفات صفة واحدة، ويرجع ترجيح ذلك إلى عدة أمور:-

الأمر الأول: أن هذا هو الأتبع للسنة وبه يحصل تمام الإقتداء بالنبي ? لأنه ? فعل هذا وهذا ولم يداوم على أحدها فتكون متابعته في ذلك بفعل هذا تارة وهذا تارة.

الثاني: أن ذلك يوجب اجتماع قلوب الأمة وائتلافها وزوال الفرقة عنها فقد يكون بعض الناس يعمل هذا النوع والصفة ويلازم عليها وبعضهم يعمل هذا ويلازم عليه فإذا فعل الإنسان الأمرين هذا مرة وهذا مرة حصل له بذلك تأليف قلوب هؤلاء وقلوب هؤلاء وخصوصاً إذا كان الفاعل مقتدىً به.

الثالث: أنه بذلك يخرج المستحب عن مشابهة الواجب لأن المداومة على نوع من المستحب تجعله مشابهاً للواجب ولهذا يشق على المداومين على نوع من أنواع العبادة المستحبة أن يفعلوا النوع الآخر.

الرابع: أن في ذلك تحصيلاً لمصلحة كل واحدٍ من تلك الأنواع فإن كل نوع لابد له من خاصية ومزية وبعض الناس قد يزيد إيماناً إذا فعل نوعاً من الأنواع لكون قلبه يحضر عند فعله أكثر أو لكونه يفهم ألفاظه أكثر من غيره أو لكونه يناسب حاله أكثر من غيره.

الخامس: أن لزوم أحد النوعين والصفتين يؤدي إلى هجران النوع الآخر ونسيانه وضياعه وفي فعل هذه وهذا إحياء للسنة وحفظ لها من النسيان والضياع.

السادس: أن في ذلك وضعاً لكثير من الآصار والأغلال التي وضعها الشيطان على كثير من الأمة، وذلك أن المداومة على أمر جائز مرجحاً له على غيره ترجيحاً يجعله يحب من يوافقه ولا يحب من لم يوافقه عليه بل قد يبغضه ويجعله ينكر على من تركه، ويكون ذلك سبباً لترك حقوق له عليه، كل ذلك يجب أن يصير إصراً عليه لا يمكنه تركه، وغلاً في عنقه يمنعه أن يفعل بعض ما أمر به وقد يوقعه في بعض ما نهي عنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير