تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحل بل أقول: كل مشموم لم يرد نص بمنع شمه فالأصل فيه الحل، وكل ملموس لم يرد نص بمنع لمسه فالأصل فيه الحل، وكل دواء لم يرد نص بمنع التداوي به فالأصل فيه الحل وكل صيد لم يرد نص بمنع اصطياده فالأصل فيه الحل، وكل صلح لم يرد بمنعه نص فالأصل فيه الحل، وكل إحياء للأرض الميتة لم يرد بمنعه نص فالأصل فيه الحل، وكل مكان لم يمنع النص من الصلاة فيه فالأصل في الصلاة فيه الحل، وكل اسم من الأسماء لم يرد بمنعه نص فالأصل فيه الحل وغير ذلك مما يصعب حصره إلا بكلفة فهذه بعض الصيغ المفيدة للإباحة والله ربنا أعلى وأعلم.

****

سـ50/ عرف التكليف؟ وما مدى صحة إطلاقه على الأحكام الشرعية الخمسة؟

جـ/ أقول:- التكليف لغة: هو الأمر بما فيه كلفة ومنه قول الخنساء في أخيها صخر:-

يكلفه القوم ما نابهم وإن كان أصغرهم مولداً

وأما تعريفه اصطلاحاً: فقد اختلف فيه الأصوليون، والأقرب عندي والله تعالى أعلى وأعلم أن يقال في تعريفه (إلزام مقتضى خطاب الشرع) أي أننا مكلفون بمقتضى خطاب الشرع، فإن كان الخطاب بأمر إيجاب فنحن مكلفون باعتقاد وجوبه وبلزوم فعله امتثالاً، لأن هذا هو بعينه مقتضى أوامر الوجوب، وإن كان الخطاب بأمر استحباب فنحن مكلفون باعتقاد استحبابه وبفعله على وجه الأفضلية وطلب كمال الأجر والثواب لأن هذا هو مقتضى أمر الاستحباب، وإن كان الخطاب بنهي تحريم فنحن مكلفون باعتقاد تحريمه وبتركه لزوماً على وجه نستحق معه العقاب لو فعلناه لأن هذا هو مقتضى خطاب النهي الجازم، وإن كان الخطاب بنهي كراهة فنحن مكلفون باعتقاد كراهته وبتركه من باب التنزيه لا من باب اللزوم، لأن هذا هو مقتضى خطاب نهي الكراهة وإن كان الخطاب بالإباحة فنحن مكلفون باعتقاد حله وبمقتضاه الذي هو التخيير بين الفعل والترك، فبان لك بذلك أننا مكلفون بما تقتضيه خطابات الشارع، فصح قولنا أن التكليف إلزام مقتضى خطاب الشرع, فالواجب ملزمون باعتقاد وجوبه وبفعله لزوماً، والمحرم ملزمون باعتقاد حرمته وبتركه لزوماً والمندوب ملزمون باعتقاد ندبه والمكروه ملزمون باعتبار كراهته والمباح ملزمون باعتقاد إباحته، والتكليف في هذه المراتب الخمسة يتفاوت، فالواجب والحرام أعلاهما والمكروه والمندوب أوسطها والمباح أدناها، وهذا التعريف للتكليف هو أقرب التعاريف إن شاء الله تعالى والله ربنا أعلى وأعلم, وأما إطلاق لفظ التكليف على الأحكام الشرعية فأقول فيه وبالله التوفيق ومنه أستمد الفضل والعون وحسن التحقيق: إن الأصل جواز إطلاق هذا اللفظ على هذه الأحكام ولا نشك أبداً في جواز إطلاق ذلك فإن من هو خير منا أطلقوه عليه وهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فقد روى مسلم وغيره في صحيحه من حديث أبي هريرة ? قال» لما نزلت على رسول الله ? ?لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّه? قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله ? فأتوا رسول الله ? ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق، الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها ... الحديث بتمامه «والشاهد منه هو قولهم ? وأرضاهم (كلفنا من الأعمال ما نطيق) فقد أطلق الصحابة على الصلاة والصيام والجهاد والصدقة اسم التكليف وحيث أطلقه الصحابة فلا داعي للتشديد فيه، فقد سموه تكليفاً مع أنهم أكمل الأمة عقولاً وأشدها تعبداً وأكملها إيماناً، ويدل على الجواز مفهوم المخالفة في قوله تعالى ?لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا? وقوله ?لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا? فإن منطوق هذه الآية هو أنه جل وعلا لا يكلف النفس إلا ما كان داخلاً تحت وسعها وطاقتها, ويفهم منه أنه يكلف النفس بما هو في وسعها وفي حدود طاقتها فالتكليف في هذه الآيات مثبت ومنفي، فالمنفي هو التكليف بما ليس في وسع النفس، والمثبت هو التكليف بما هو في وسعها، وهذا واضح، فالأصل في هذا الإطلاق الجواز، ولو ذهبت تقلب كتب الأصول وكتب الفقه على مختلف مذاهبها لوجدت أهل العلم يعبرون عن هذه الأحكام الشرعية بقولهم: الأحكام التكليفية، فهو كالإجماع منهم على جواز ذلك، ولكن ومع القول بالجواز إلا أنه ينبغي التنبيه على أن الشرائع كلها هي قرة عيون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير