تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المؤمنين وراحة قلوبهم وانشراح صدورهم وطمأنينة أرواحهم وغاية مطلوبهم، وسعادة عيشهم، وفرج همومهم وكروبهم، وأنها حياتهم الحقيقة التي لا يحيون إلا بها، فهي لهم بمثابة الماء للسمك، والمؤمنون يتفاوتون في استشعار ذلك تفاوتاً عظيماً، فكلما ازداد إيمان العبد كلما ازداد إحساسه بذلك، ولذلك فإن العبادة تثقل على القلب والبدن كلما خلي القلب من الإيمان، فأثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر كما في الحديث وقال تعالى ?إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً? وقال تعالى ?وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ? وأما المؤمنون حقاً فإنهم لا يستثقلون شيئاً من التعبدات بل هي عندهم حياة ونور وروح وجنة ونعيم وسرور وحبور وراحة وسعادة، وفي الحديث» أرحنا يا بلال بالصلاة «وفي الحديث» وإن كان الرجل ليؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف «وبناءً عليه فإذا كان يخشى أن يقوم في قلب السامع من قولنا (التكليف) أن التعبدات من فعل المأمور أو ترك المحظور، كلها كلفة ومشقة وتعب ولاحظ للنفس فيها وأنها خلاف مقصود القلب أو أنه لا حكمة من ورائها إلا مجرد الفعل والامتحان فقط، أو أنها تقوم مقام التعويض بالأجر المترتب عليها ونحو ذلك إن كان يخشى من فهم ذلك فاترك التعبير بلفظ التكليف واستغني عنه بلفظ (الأمر والنهي) وقد تقرر في القواعد أن سد الذرائع مطلوب، فإذا كانت هذه الكلمة سيفهم منها خلاف مقصود الشارع فتركها هو الأفضل وكذلك إذا كنت تخاطب بهذه الأحكام طائفة لا تفهم من التكليف إلا ما ذكرناه سابقاً فلا تعبر عن الأحكام الشرعية بلفظ التكليف سداً للذريعة، ألا ترى أن الله تعالى نهى المؤمنين أن يقولوا (راعنا) وأمرهم أن يقولوا (انظرنا) حتى لا يجد اليهود مدخلاًَ لسب رسول الله ?، فالتعبير بالتكليف جائز ولا شك ولكن إن كان التعبير يلزم منه شيء من المفاسد فتركه هو الذي ينبغي تحقيقاً للمصلحة ودرءاً للمفسدة وذلك لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والمتقرر شرعاً: أن الشريعة جاءت لتقرير المصالح وتكميلها وتقليل المفاسد وتعطيلها وهذا هو الذي يظهر من كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى فإنه عبر بلفظ التكليف كثيراً في كتبه، وذلك في مواضع لا تحصى ولكن ذهب إلى أنه إن كان سيفهم من قولنا (التكليف) شيء من المفاسد فلنتركه فليس مراد شيخ الإسلام من كلامه على هذه المسألة نفي تسمية الأوامر تكليفاً، لا وإنما قصده نفي التوهمات الفاسدة والرد على المذاهب الكاسدة في فهمها لهذه الكلمة، فلا يخرج كلامه عن ما قررناه سابقاً. والخلاصة أن إطلاق لفظ التكليف على الأحكام الشرعية الأصل فيه الجواز إلا إن ترتب عليه مفسدة فيترك، هذا هو التحقيق في هذه المسألة والله ربنا أعلى وأعلم.

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[22 - 05 - 09, 09:44 م]ـ

سـ51/ ما شروط التكليف إجمالاً؟

جـ/ أقول:- لقد قسم أهل العلم رحمهم الله تعالى شروط التكليف إلى قسمين:-

شروط ترجع إلى المكلف نفسه وشروط ترجع إلى المكلف به، وذكروا رحمهم الله تعالى أن الشروط التي تعود إلى المكلف هو الحياة والعقل والاختيار وفهم الخطاب والعلم والقدرة وأن يكون من الثقلين الإنس والجن، فإذا اجتمعت هذه الشروط في أحد فإنه يوصف بأنه مكلف، وأما الشروط التي ترجع إلى المكلف به فأن يكون معلوماً ومقدوراً عليه وفيها مسائل وتفاصيل سيأتي ذكرها واحدة واحدة بما يخصها من الدلائل والفروع إن شاء الله تعالى.

****

سـ52/ هل الجن مكلفون؟ وما الأدلة على ذلك؟ وما طبيعة التكليف المناط بهم؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير