تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جـ/ أقول:- نعم، الجن مكلفون وهذه قضية قطعية ومسلمة ثابتة الثبوت القطعي اليقيني بالأدلة من الكتاب والسنة والإجماع فهم مأمورون بفعل الطاعات ومنهيون عن فعل المعاصي ولا نقول: هذا قول أهل السنة فقط، بل هو قول جماهير أهل الإسلام ولا اعتداد ولا عبرة بالأقوال الزائغة عن الحق والمائلة عن الهدى، والمبينة على التخرصات والكاذبة والظنون الباطلة العاطلة، فهم مكلفون بالإسلام ومنهيون عن الشرك ومكلفون بالإيمان ومنهيون عن الكفران ومكلفون بالصلاة والزكاة والحج والصيام، ومنهيون عن تركها، ومكلفون بالجهاد، وببر الوالدين ومنهيون عن العقوق، وعن أكل الربا وقتل النفس، وشهادة الزور، والزنا، والكذب، والقذف والسرقة، وشرب الخمر، وهكذا, وبالجملة فنقول: كل ما أمر الشارع به أمر إيجاب أو استحباب فإنه عام للثقلين الإنس والجن، وكل ما نهى عنه الشارع نهي تحريم أو كراهة فهو عام للثقلين للإنس والجن، وكل مباح شرعاً فإن إباحته عامة للثقلين والأدلة على تكليف الجن كثيرة ونذكر منها ما يلي:

فمن ذلك: قوله تعالى ?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ? وهذه الآية نص صريح قاطع الدلالة في إثبات تكليف الجن وبيان الحكمة والغاية من خلقهم وأن المقصود بذلك عبادة الله وحده بفعل المأمور إيجاباً واستحباباً وترك المنهي تحريماً أو كراهة، ما أعظم ذلك وأجله وأكبره توحيده جل وعلا وإفراده بالعبادة.

ومن ذلك: قوله تعالى?يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا? وهذا نص قاطع بأن الجن مكلفون بالإيمان بالرسل، ومتعبدون بإتباع ما يقصه الرسل عليهم من الآيات فكما أن الرسل مبعوثون إلى الإنس فكذلك أيضاً هم مبعوثون للجن ولذلك فإن الثقلين يوم القيامة يسألهم الله تعالى عن مجيء الرسل إليهم وإبلاغهم آياته فيقرون ويعترفون بأن الرسل قد آتوا وبلغوا وأنه لا حجة لهم فيقال لهم ?النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا?.

ومن ذلك: قوله تعالى ?وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ? وهذه الآية تدل على تكليف الجن من عدة وجوه:-

أحدها: أن الله تعالى هو الذي صرفهم إلى نبيه عليه الصلاة والسلام لاستماع القرآن وحكمة ذلك وغايته أن يؤمنوا به ويأتمروا بأوامره وينتهوا عن نواهيه.

ثانيها: أنهم لما استمعوا تواصوا بالإنصات له وبعد سماعه اعترفوا بأنه يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم وأنه متوافق لما جاء به موسى ? من قبل وهنا يدل على أن عندهم آلات الفهم والعقل وأنهم قادرون على امتثال ما فيه من العلم النافع والعمل الصالح وهي شروط التكليف، فإن من كان قادراً على العلم والفهم فإنه مكلف.

ثالثها: أنهم بعد سماعهم للقرآن وإيمانهم به أسرعوا إلى قومهم منذرين يقولون لهم ?يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ? وهذا نص صريح في أنهم مكلفون بالإيمان بهذا القرآن ومن المعلوم أن الإيمان به يتضمن امتثال أوامره واجتناب نواهيه وتصديق أخباره، وإيمانهم بالقرآن مستلزم للإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام فأي دليل أصرح من هذا الدليل ولكن سبحان من أعمى قلوب بعض الطوائف عن هذا النور الذي يبهر العيون وينير الصدور والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير