ويُقرِرُ المؤلفُ أنَّهُ كلّما حَفِلتْ النّسخة بأشكال هذا التوثيق، اكتسبت قيمةً أكبر، هذه القيمة تتفاوتُ صعودًا وهبوطًا بتفاوت أعداد الأشخاص المذكورين ومكانتهم العلميّة. وتزداد قيمة النّسخة بازدياد هذه الأعداد، وتفاوت تواريخها، إذ يُعدُّ مؤشّرًا على قيمة الكتاب، واعتراف النّاس به، وحرصهم على دراسته، رغم بُعدهم عن زمان المؤلف ومكانه. كما أنّ النُّسخ التي تملَّكها علماء، أو خلفاء – والتي تُسمّى نُسخًا خزائنيّة – تكتسب أهميّة كبيرة. يُضاف إلى ذلك أنَّ دراسة التّملكات يُمكن أن تُفيد في تتبُّع تأثير الكتاب في كتابات من تَمَلَّكُوهُ، وبتتبُّع تواريخ التّملك نستطيع أن نعرف رحلة الكتاب وأنْ نُحدّد تاريخًا تقريبيًا للنّسخة إذاكانت غير مؤرّخة.
4 - الصيانة والترميم والتصوير:
وفي هذا الفصل يجيب المؤلفُ على سؤالين: كيف نحمي ما وصلنا من مخطوطات ونجنِّبها عوامل البَلَى والفساد؟ وكيف نتيحُ هذه المخطوطات في أشكال يسهلُ التعامل معها والاستفادة منها دون أن يكون لذلك أي أثر سلبي على الأصول المخطوطة؟
وفي إطار جواب السؤال الأول، يلفتُ الأنظارَ إلى تنبُّه سلفنا الصالح إلى أهمية أعمال الصَّيانة والترميم منذ أكثر من ألف عام. ثم يتوجَّهُ للمتعاملين مع المخطوط مؤكِّدًا على ضرورة التعامل مع الكتاب المخطوط بأكبر قدرٍ من العناية والترفق حتى لا تَتَردَّى حالته أو نفقدَهُ إلى الأبد، وهذا من حِسِّ المؤلف العالي وحرصه على تراث أمّته جزاه الله خيرًا.
ثم تعرَّضَ لصيانة المخطوط من المخاطر، والتي قسَّمها إلى:
- عوامل طَبَعيّة (كارتفاع درجة الحرارة والضوء ونسبة الرّطوبة).
- عوامل كيميائيّة (مصدرها الملوّثات الغازيّة والحراريّة).
- عوامل بيولوجية (تسبّبها الكائنات الحيّة الدقيقة كالفطريات والبكتريا، والحشرات والقوارض، وسوء الحفظ والاستخدام).
ثمّ عرضَ المؤلفُ لأساليب الحفظ والصِّيانة المختلفة، ثم التَّرميم وخطواتِهِ، وختمَ الفصلَ بحديثه عن تصوير المخطوطات، فأشار إلى أهدافه، ثم عرضَ لأنواعَ أوعية التصوير من ورق، ومصغرات فيلمية، وأقراص مضغوطة ... إلخ، وبيّن مزايا كلّ وعاءٍ وعيوبه.
5 - الفهرسة والضبط الببليوجرافي:
فرَّقَ المؤلفُ في بداية كلامه بين المفهومين، وتعرّض للفظي (فهرس) و (ببليوجرافيا)، مشيرًا إلى أنهما غير
عربيين، كما أشار إلى تفضيل بعض الباحثين لمصطلح (وراقة) بدلًا عن (ببليوجرافيا). وبعدها انتقل إلى الإجابة عن سؤالين أولهما: لماذا نفهرسُ مقتنيات المكتبات مطبوعة كانت أم مخطوطة؟ وثانيهما: ما الفرق بين فهرسة المطبوع وفهرسة المخطوط؟
ثم تناولَ بطاقةَ فهرسة المخطوط والمعلومات التي ينبغي أن تتضمنها، وأشار إلى أنّه على الرغم من استقرار عناصر فهرسة المطبوع منذ أمد بعيد فإنّ عناصر فهرسة المخطوط، وترتيب تلك العناصر لم يستقر بعد. وعرضَ جملة من الاجتهادات التي حاولت أن تقدّم تصورًا لما يمكن أن تكون عليه فهرسة المخطوطات العربية، مُختتمًا بتصوُّرِهِ الخاصّ.
ثم عرَّجَ على بعض الصعوبات التي تواجه المفهرس، وعدَّ أهمها: مداخل المؤلفين القدماء، وتوثيق العناوين واختلافها، وتاريخ المخطوط، والوصف المادّي للمخطوط، وأخيرًا مشكلة المجاميع. وختم الفصل بالتَّعريف بأهم فهارس المخطوطات العربيّة وأنواعها، وبالتَّعريف ببليوجرافيات الفهارس، وبكتابي تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان، وتاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين.
6 - التحقيق والنشر:
وتناولَ هذا الفصلُ بإيجازٍ الخطوات التي يجب أن يقوم بها من يَتصدَّى لنشر نصّ تراثيّ. وقد أحسن المؤلفُ صُنعًا بهذا الإيجاز، إذ لا يصلحُ التفصيل لمثل هذا المدخل، فعلم تحقيق النُّصوص أصبح علمًا مستقلًا له مؤلفاته العديدة التي يحسُن الرجوع إليها.
وقد أشار المؤلفُ في البداية إلى أنّه علي المحقّق البحث عن نفائس المخطوطات الجديرة بالتحقيق والنشر، والتَّأَكد من عدم نشرها محقّقة من قبل، وأرشد إلى بعض المراجع التي تُساعد في ذلك.
ثم لخّصَ خطوات التّحقيق في ستّة أمور:
1 - التأكُّد من صحّة عنوان الكتاب وصحّة نسبته إلى مؤلّفه، وذلك بالرجوع إلى المصادر الببليوجرافيّة.
¥