2 - البحث عن نُسخ المخطوط وجمعها، وذلك بالرجوع إلى ما نشر من فهارس مكتبات المخطوطات في الشرق والغرب، وإلى الأدوات الببليوجرافيّة التي عُنيت بحصر المخطوطات العربيّة.
3 - تحديد منازل النُّسَخْ واختيار أعلاها لتكون أصلا تُقابل عليه النسخ الأخرى، ومعايير المفاضلة بين النُّسخ.
4 - التعامل مع النّص؛ بتوضيح الغامض من الألفاظ، والتَّعريف بالأعلام والأماكن، وتخريج النُّصوص، والتَّنبيه على ما قد يكون بالكتاب من أخطاء علمية أو لغوية أوإملائية. ومما يحمد له توسُعُهُ في ذكر المصادر والمراجع المعينة للمحقّق.
5 - التقديم للنّص بمقدمةٍ تُعرِّفُ بالكتاب ومؤلّفَهُ، وتبين أهميتَهُ في مجاله، كما تعرّفُ بالنُّسخ التي وصلتنا من الكتاب، وبالنُّسخ التي اعتُمدَ عليها في التّحقيق، ورموز هذه النُّسخ، والنُّسخ المستبعدة، والمنهج المُتَّبَع في التّحقيق.
6 - إضافة ما يحتاجُهُ النّصُ المحقّق من كشّافات تحليليّة تُيَسِّرُ الوصولَ إلى جزئياتِه ودقائقِه.
وأكَّدَ المؤلفُ الفاضل أنّ علماء الحديث هم الذين أرسَوا أصول علم تحقيق النّصوص، وحدَّدوا خطواته ومراحله، وأنّ المستشرقين أخذوه عنهم وطوروه، وجاء من بعدهم علماء عرب ومسلمون أجلاء تلقَّفوا الخيط ومضوا يُؤصِّلون هذا العلم، مستلهمين خلفياتهم الدينيّة وما وَرِثوه عن علماء الحديث الأوائل، ومستفيدين مما اطلعوا عليه من مناهج المستشرقين، ولم تلبث أن ظهرت سلسلة ذهبيّة من شوامخ المحققين الذين يمثل كل منهم مدرسة من مدارس التّحقيق.
وختم المؤلف كتابه بخاتمةٍ أبانتْ عن تقديرهِ لتُراث أمَّته، واهتمامِهِ بأمره، وأسفهِ على ما يواجهُهُ من إهمالٍ من أبناء أمَّتِهِ، ونبّهَ إلى صعوبة هذا التَّخصُّصِ ونُدرةِ المشتغلينَ به في جميع مجالاته، وإلى الفوضى في كتابات هذا العلم، وتداعي الأدْعياء والمُجْتَرِئَينَ، حتى ليُخيَّل للمرءِ أنَّ مجال المخطوطات أصبحَ كَلأً مُسْتَباحًا لكلِّ منْ هَبَّ ودَبَّ. وقال:» إن أخشى ما أخشاه أن ينقرضَ هذا العلم بانقراض المشتغلين به، وألا تحظى المخطوطات بما تحظى به القطع الأثريّة من اهتمام وعناية وحفظ وصيانة «. كما أكَّد ضرورة الحفاظ على هذا التُّراث المخطوط وتيسيره للباحثين، وعدم اتخاذه سلعة يُتاجر بها، إذ إنه تراث أمّة، بكل ما تحملة كلمة» أمّة «من معانٍ. وقال: إنَّ» أي إهمالٍ لهذا التُّراث أو تفريط فيه أو اعتداء عليه جريمةٌ لن تُغفر لأصحابها، ولن تمحو عارها الأيام مهما طالت. إنَّ تراث الأمّة – أيّة أمّة- جزءٌ من شَرَفِها، ومَنْ ذا الذي يقبل أن يُفرِّط في شَرَفِهِ؟ «
وبعدُ، فهذا عرضٌ موجزٌ للكتاب يُغري بقراءته، ولا يُحيط بمحاسنه، التي أعُدُّ منها:
? الغاية الجليلة، والموضوع الرائد.
? الرُّؤية المتكاملة لمكونات علم المخطوط العربيّ.
? العناية بحدود العلوم ومصطلحاتها وتحري الدقة فيها.
? نفاسة المادة العلميّة.
? التوثيق الدقيق للمعلومات.
? منهجيّة العرض والتناول.
? الإيجاز والاقتصاد في العبارات، وعدم التزيُّد في الموضوعات.
ولكنِّي مع ذلك أستأذنُ المؤلفَ الكريم في مناقشة بعض قضايا الكتاب، وتسجيلِ بعض الملاحظات، يُغريني بذلك تقديري للمؤلف، وإعجابي بكتابه، وهي ملاحظات لا تكادُ تَقِفُ أمام مزايا الكتاب وفوائده، والجَهد الذي بُذل في إخراجه.
* وأوَّلُ ما أُسَجِّلُهُ هو تَحَفُّظِي على قصر المؤلف الفاضل لمفهوم (علم المخطوطات) على ما خُطَّ باللغة العربيّة وحدها دون اللغات الإسلاميّة الأخرى، التي شكَّلَت - وما تزالُ - مجموع الحضارة الإسلاميّة العظيمة، بل إنِّي أرى أنَّ مفهوم (المخطوط العربيّ الإسلامي) يمتدُّ ليشمل كل كتابٍ كتبَهُ واحدٌ ممَّنْ أظلَّتهم الحضارة العربيّة الإسلاميّة؛ عربيًا كان أو غير عربيّ، مسلمًا كان أو غير مسلم، تأليفًا كان أو ترجمةً، بالعربية أو بغيرها.
فلا فارق في الجانب التنظيريّ بين المخطوطات العربية، والمخطوطات التي كتبت باللغات الإسلاميّة الأخرى، سوى الجانب التاريخيّ الذي أرى من المفيد تَتَبُّع بدايات الكتابة بهذه اللغات وتطورها و أماكن انتشارها ... إلخ، أما في الجانب التطبيقي فلا بأس من التخصُّص.
¥