تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ورغم تَحَفُّظِي المذكور فإني سأسير في مناقشتي حسب المفهوم الذي ارْتآه المؤلف الفاضل، مُسَجِّلًا موافقتي لمفهومه لعلم المخطوط العربيّ، وأنّه صالحٌ لأن يَضُمَّ جميع ما يتعلق بالمخطوط العربيّ من علوم وقضايا، خلافًا لما ذهب إليه بعض المتخصصين من قصر مجال دراسة علم المخطوط على الدّراسة المادّيّة دون غيرها. وممن قال بالرأي الأخير الأستاذ الفاضل عصام محمّد الشَّنْطِي، في تعقيبه على بحث الدكتور الحلوجي الذي يُعدُّ نواة الكتاب المعروض، وقرّرَ أنَّ مصطلح (علم المخطوط) مقابلٌ للمصطلح الغربيّ (كوديكولوجيا). وينقلُ المؤلفُ في كتابه تعريفَ المستشرق الهولندي جان جاست ويتكام:» يُعرَّف علم المخطوطات في بعض الأحيان بأنَّه الدِّراسة المختصّة بتناول جميع جوانب المخطوطة باستثناء محتواها. كما يُوصف بأنَّه ذلك العلم الذي يُركِّزُ كُليًّا على الخصائص المادّيّة للكتاب المخطوط باليد. وهذه تعاريف مفيدة إلا أنَّها مُسرفة في التبسيط «. وهذا المفهوم هو ما اقتصر عليه واضعو» معجم مصطلحات المخطوط العربي «في تعريفهم لعلم المخطوط العربيّ بقولهم:» علم المخطوطات: يعني عند القدماء: دراسة كل ما يتعلق بالمخطوطات من كتابة وصِناعة وتجارة وترميم وما إلى ذلك، ويعني في العصر الحديث: دراسة المخطوط كقطعة مادية مع العناية بكل ما يحيط بالمتن من حواش، وتعليقات، واستطرادات، وتملكات، وإِجازات، وما ماثل ذلك. ويُطلق عليه اليوم في الغرب (الكوديكولوجيا) Codicologie، وهو مصطلحٌ حديثٌ من وضع العالم الفيلولوجي الفرنسي ألفونس دان A.Dain أو شارل سمران Ch.Samaran « . وتعريفهم هذا لعلم المخطوطات عند القدماء يحتاج إلى توثيق للنّصوص التي استخدم القدماء فيها هذا المصطلح دالًا على علم أو صِناعة، وهو ما لا أعلمُ له وجودًا. نعم، قد يصحُّ شيء من ذلك في مصطلحُ (الوِرَاقَةِ)، حيث يستوسع ابن خلدون (المتوفّى سنة 808 هـ) فيجعلها شاملة» للانْتِساخ والتَّصحيح والتَّجليد وسائر الأمور الكُتبيَّة والدَّواوين «، بينما يقصُرُها ابن الحاج (المتوفّى سنة 737 هـ) على صناعة الورَق، وبعضهم يقتصر مفهومها عنده على النِّساخَة.

والذي أراه في هذه المسألة أنَّ مصطلح (علم المخطوط العربيّ) قابلٌ لتحمل جميع ما يتصل بالمخطوط العربي من علوم وقضايا، وأنَّ قصْرَهُ على الدّراسة المادّيّة للمخطوط، والتزام مفهوم الترجمة الحرفيّة للمصطلح الغربي (كوديكولوجيا) غير مُلزمٍ لنا، وأنَّهُ وإنْ استخدمه بعض الباحثين العرب فإنّهُ ممّا يحتملُ النقاشَ، والقبولَ والرّدَ، إذ لا مشاحة في الاصطلاح كما قال القدماء.

وأمّا دراسة الكِيان المادّي للمخطوط فأرى أنّ مصطلح (صناعة المخطوط) مناسبٌ له، وأنّه بديلٌ جيدٌ عن استعارة لفظ (كوديكولوجيا). هذا بينما استحدث الدكتور قاسم السامرئي، بديلًا أخر عن مصطلح (كوديكولوجيا)، أسْماهُ: (علم الاكتناه العربي الإسلامي)، ودَمَجَ معه ما يُعرف في الغرب بالـ (باليوجرافيا)، ويُحدّد مفهومه للعلم بما مفاده: وعلم الاكتناه يشملُ فنيَّن معروفين في اللغات الأوروبيّة؛ أولهما: باليوغرافي ( Palaeography ) ، وهو علمٌ يبحث في كل ما هو مكتوب، أو منقوش أو مرسوم، واختبار الموادّ المُستعملة في هذه العمليات، وإخضاعها للتَّحليل والتركيب، ومن ثَمَّ استنباط النَّتائج منها ... ومع كلِّ هذا فهو فن يُعْنَى بفك الخطوط القديمة ورموز الكتابات الأثرية، والنقوش والمسكوكات ... وثانيهما: كوديكولوجي ( Codicology ): وهو علم دراسة الكتاب المخطوط أو صناعته؛ بما في ذلك صناعة الأحبار، وفن التَّوريق أو النِّساخَة، والتَّجليد والتَّذهيب، وصناعة الرُّقوق والجلود والكاغِد، وما يتبع كل ذلك من فنون وما يتصل بها مثل: حجم الكُرّاسة، ونظام الترقيم والتَعْقِيبات، والسَّماعات والقِراءات والإِجازات والمُقَابلات، وتقييدات التَّملُّك وتقييدات الوَقْف، وتقييد الخِتام. ثم يقول: وقد اشتققتُ من كل ما سبق من المعاني والدِّلالات مصطلحًا عربيًا هو: (علم الاكتناه العربي الإسلامي).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير