تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتجدُر الإشارة إلى أنَّ للنّصوص المصاحبة غايات أخرى منها: الدراسة التاريخيّة، ودراسة مناهج التفكير وأساليب التأليف والتعليم عند المسلمين ... إلخ، كما أنَّ الدراسة التاريخية لصناعة المخطوط غاية أخرى له، وقد يُدرس الأخيرُ دراسةً مًستقلةً كفنٍّ صناعيٍّ، ومَظهرٍ حضاريٍّ. وفيما يتعلَّقُ بتسمية النّصوص المُصاحِبَة، بمظاهر أو أنماط التوثيق، فأرى أنَّ الأصوبَ وصفها بأدوات أو وسائل للتوثيق، فهي في ذاتها ليست مظاهر للتوثيق، ولا أنماطًا منه، وإنما هي وسائل تُساعد على التوثيق، كما أنَّها تشتركُ مع العناصر المادّيّة للمخطوط في هذه الغاية، ولا تَخْتَصُّ بها.

أما (التَّرميم) فهو إصلاح ما فَسَدَ من الكيان المادّيّ للمخطوطات، وظاهرٌ كونه من الوسائلِ الموصِّلَةِ لحفظِ وصيانةِ المخطوطات. وأمّا (الفهرسة والضبط الببليوجرافي) فوسيلتان للتوثيق والتقييم والتحقيق. وأمّا (إتاحة المخطوطات)، فيشملُ إتاحتَها بصورتها المادّيّة، كما يشملُ إتاحة مضمونِها، بمختلف الوسائل، التي منها (التصوير)، إن كان المقصودُ منه إتاحة المخطوطات للباحثين، إذ بهذا يكون علمًا مُستقلًا، لكون الفارق بين العلمين أكبر من الجامع، لاختلاف موضوعيهما؛ أمّا إنْ كان المقصودُ هو صيانة الأصول الخطيّة، فهو وسيلةٌ للصَّيانة فحسب، وفي هذه الحالة لا يُجعل عَلَمًا على العِلْم الفرعيّ، ولا يُعطف على الصِّيانة، والأولُ أقرب.

فنخلصُ من ذلك كله إلى أنَّ محاور علم المخطوط الإسلامي حسب ما ارْتَأيته، والله أعلم، هي:

1 - تاريخ المخطوط.

2 - صناعة المخطوط.

3 - النُّصوص المُصاحِبَة.

4 - الصِّيانة والتَّرميم.

5 - وسائل إِتاحة المخطوط.

6 - الفهرسة والضَّبط الببليوجرافي.

7 - التَّوثيق والتَّقييم، والتَّحقيق.

وانطلاقًا ممّا سبق فإنَّهُ بإمكاننا تعريفُ علم المخطوط الإسلامي بأنَّهُ:» العلم الذي يَدْرُسُ ما يتعلَّقُ بالكتاب الإسلامي المخطوط، مادةً ومضمونًا، حفظًا وإتاحةً وتاريخًا «.

* وفي تمهيده ص 7: تناول المؤلف - كما بيّنا - أوجه القُصور – حسب ما ارْتآهُ - في المؤلَّفات الأربعة التي حاولت تأصيل علم المخطوط العربيّ، فينعى على أحدها تناوله لموضوع المكتبات الإسلاميّة وهواة الكتب، معتبرًا إياه» خارج إطار المخطوط العربيّ وعلم المخطوط «. على أنّي أرى أنَّ الإلمام بتاريخ المكتبات القديمة – لا سيما في الجوانب التي يُعني بها علم المخطوطات – من صميم الدَرْس التاريخي للمخطوط العربيّ؛ إذ إنّ تلك المكتبات كانت الأماكن التي حفظت هذه المخطوطات وأتاحتها للقُرّاء، بل كثيرًا ما كانت تُتَّخذ لأعمال الورِاقة، حسب مفهوم ابن خلدون؛ هذا بشرط عدم التزيُّد في التناول، وإنّما يُتعَرَّض لتأريخ ما يتصل بالمخطوط، على أنْ يكونَ التَّوسع في المصادر الخاصة بتاريخ المكتبات العربيّة، بوصفه فرعًا تاريخيًّا وحضاريًّا. ولعل هذا ما دعا المؤلف في كتابه إلى الإشارة إلى انشار المكتبات، ونشاط أسواق الكتب، بينما توسّع في الحديث عن المكتبات العامة والخاصة وعن شغف العرب بالقراءة، في كتاب آخر له هو» المخطوط العربيّ «، وذلك من خلال حديثه عن حركة التأليف والترجمة، وإني أرى أنَّ هذه الموضوعات وأشباهها تُساعد على تصوّر تاريخ المخطوط العربي وتطوره، والله أعلم.

* وفي حديثه عن صناعة المخطوط تناولَ المؤلفُ العناصرَ المادّيّة للمخطوط– كما بيّنا -، وقد تعارفت الدراسات المادّيّة للمخطوط على تناول عناصرَ أخرى، منها: حجم الكرَّاسة، والتَّرقيم والتَّعْقيبات، والعلامات المائيّة ... إلخ، إلا أنَّ المؤلف آثر الاكتفاءَ بأهم العناصر، في إطار منهجه في الإيجاز.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير