فالحديث كما أسلفت رواه الطَّبراني في " الكبير " ولم أقف على أسناده عنده، لعدم وقوفي على الحديث، إلاّ أنَّ صيغته أفصحت عن شيئٍ وبالذَّات قوله عن رجلٍ من سُليمٍ، وهذا يقتضي تضعيف هذا الإسناد.
وقد رواه بهذا الإسناد وكذلك ابن عساكر (1) فقال (2): " أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ثنا شجاع بن عليٍّ، ثنا عبد الله بن مندة، أنا علي بن محمد بن عقبة الكوفي ومحمد بن سعيد الأبيوردي قالا: نا محمد بن عبد الله بن سليمان، نا عُبيد بن يعيش، نا محمد بن فضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن رجلٍ من سُليمٍ قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: " إيَّاكُمْ وَأبْوَابَ السُّلطَانِ ..... " الحديث.
فابن عساكر رواه عن رجلٍ من سُليمٍ، وقيل إنَّ الرَّجل هذا هو أبو الأعور لأنَّه رواه في ترجمة أبي الأعور، وها هنا مباحث:
أوّلاً: لو سلّمنا أنَّ الصَّحابي المبهم هو أبو الأعور، فإنَّ أبا الأعور هذا قد اختلف في صحبته، فلم يذكره البُخاريُّ (1) ضمن الصَّحابة،ونصَّ مُسلمٌ (2) وغيره (3) على صُحبته، وقال ابن أبي حاتم (4): أبو الأعور شاميٌّ أدرك الجاهليَّة وليست له صحبة، وذكره خليفة (5) في الطَّبقة الأولى من أهل الشَّام بعد أصحاب النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم - ورجَّح ابن حجرٍ صحبته.
ولو سلَّم لمن أثبت صحبته، فإنَّهم لم يذكروا هذا الحديث ضمن رواياته إذ إنَّ البزَّار (6) روى له حديثاً ونصُّه:" إنَّمَا أخَافُ عَلَى أُمَّتِي ثَلاثَاً؛ شُحٍّ مُطَاعٍ، وَهَوىً مُتَّبَعٍ، وَإمَامِ ضَلالَةٍ ". وقال: لا نعلمه بهذا الَّلفظ إلاّ بهذا الإسناد، وليس لأبي الأعور غيره.
وذكر ابن كثيرٍ (7) له هذا الحديث فحسب واقتصر عليه.
إذاً فالحديث غير معروفٍ عن أبي الأعور، هذا إن صرنا إلى القول بأنَّه صحابيٌّ، وهذا سبب قد يؤثِّر على صحة الحديث، سيما وأنَّ أبا حاتمٍ قد وصف حديثه الوحيد بالمرسل.
ثانياً: إسناد ابن عساكرٍ إلى عُبيدٍ لا يستقيم، إذ فيه شجاع بن عليٍّ، وقد وُصِف بأنَّه (8): " كثير السَّماع واسع الرِّواية معروفٌ بالطَّلب " وهذا لا يعدُّ تعديلاً وإنَّما هو وصف حالٍ، وقال عنه السَّمْعانيُّ (9):" كان شيخاً صالحاً من بيت العلم غير أنَّه لم يكن يعرف شيئاً "
فهذا صريحٌ في غمزه، بالرُّغم من صلاحه، إذ الصَّلاح والتَّقوى لا يُعدَّان توثيقاً للرَّجل في الرِّواية، وإنَّما تعديلٌ له في دينه وحاله ليس أكثر، ولهذا قال الإمام مالك عمَّن هذه حاله (1): " أدركت ببلدنا هذا - يعني المدينة - مشيخةً لهم فضلٌ وصلاحٌ وعبادةٌ يحدِّثون، فما كتبت عن أحدٍ منهم قطُّ ..... قال: لأنَّهم لم يكونوا يعرفون ما يُحدِّثون ". وصاحبنا هذا يتناوله هذا الوصف.
ثالثا: إنَّ من رواة هذا الحديث - حسب رواية ابن عساكر - محمد بن فُضَيلٍ وهو ابن غَزْوان، وهذا وصَفَهُ أحمدٌ بأنَّه شيعيٌّ، وقال أبو داود: كان شيعياً محترقاً (2) بل قال عنه الجُوزَجَانيُّ (3): زائغٌ عن الحقِّ، ولعلَّه يقصد التَّشيُّع، لأنَّ الجُوْزَجانيَّ مرميٌّ بالنَّصب وعلى كلِّ حالٍ فوجود هذا الشِّيعي في إسناد حديثٍ قيل في الحقبة الأمويَّة أو العباسيَّة وكلا العهدين مناهضٌ للشِّيعة، قد يوحي بأنَّ لصاحبه مآرب سياسيَّةٍ. والحديث أورده السُّيوطيُّ ورمز لحُسنه، وصحَّحه الشَّيخ الألباني، وهو لا يستقيم حسبما قدَّمت عن حال الرَّجل والإسناد، بل إنِّ قواعد العلم تأبى علينا أن نجعله حسناً كذلك، فهو ليس في درجةٍ لا تسمح له بأن يُعارِض - والله اعلم -.
ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[17 - 05 - 05, 09:08 ص]ـ
أعتذر للأخوة عن الخلل الذي حدث وعدم نزول الحواشي، وحقيقة الأمر أني كنت أرغب أن ينزل الموضوع بالطريقة المكتوب بها، لكنني لم أستطع ذلك، ولسوف أستدرك الخطأ إن شاء الله وأنزل النص مع الحواشي مرة أخرى والله المستعان.
ـ[العويشز]ــــــــ[18 - 05 - 05, 01:01 ص]ـ
شكر الله لك شيخنا الفاضل، وهلا أنزلتموه على ملف وورد.
ـ[خادم التراث]ــــــــ[18 - 05 - 05, 01:34 ص]ـ
سيدى الفاضل اسمح لى بتنسيقه على الورد واعادة انزاله
ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[18 - 05 - 05, 05:41 م]ـ
جزالكم الله خيراً ولقد قام أحد الأخوة بوضعه مع الحواشي وإن رأيت أيها الأخ الكريم خزانة الأدب بأنه يحتاج إلى تنسيق أكثر فلك ذلك وجزاك الله خيراً
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[11 - 11 - 05, 07:24 م]ـ
بارك الله فيك