تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين).

[20] أنّ المساجد والصوامع عند الجهلة إنما هي زخارف مُفرَغة من كل معاني التديّن وهي أشبه بالمتاحف. فهاهنا جاء قوم جريج يطلبون أن تُبْنى الصومعة المكسورة من ذهب, يظنّون أن بناءها من ذهب يجبر ما كُسر منها. كأنما يريدون أن يعوّضوه عمّا أوذي بالذهب. وهذه محنة المادّيين في كل زمان ومكان يحسبون دفع الذهب وتشييد المباني يُعيد الاعتبار لما ذهب من المعاني. وصدق الله العظيم حيث أشار إلى فراغ القلوب والجدران (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسنّدة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) (لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطّع قلوبهم والله عليم حكيم) ومن هنا ورد النهي عن زخرفة المساجد لئلا تُذْهِب الوقار والخشوع وتُفرغ المسجد من دواعي تذكّر الآخرة.

[21] أنّ أصحاب الشبهة إذا أعانوك على دينك فإنّ أقصى ما يلحقك منهم هو بعض الأموال كما يفيده هنا تعبير قوم جريج (نبني صومعتك من ذهب) وأما تحمُّل أعباء الدين والقيام بحق الرسالة فإليه وحده ولهذا نسبوا الصومعة إلى جريج (صومعتك) وأما البناء ودفع الذهب فنسبوه لأنفسهم فهذا شان من يعبد الله على حرف نسأل الله السلامة. وانظر داء بني إسرائيل من الاكتفاء بدفع المال وتضييع أمانة التكليف كيف تسرّب إلى أمتنا, فأصبح بناء المساجد مُغنياً عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

[22] أنّ شكر الله تعالى يقتضي دوام العبودية ورعاية العهد مع الله والمبالغة في التخلّي عن القواطع كما قال جريج (لا إلاّ من طين) وقال صلى الله عليه وسلم: (أما ترضى يا عمر أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة) [16]، ولم يزل الحكماء يخشون أن يقال لهم (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها).

[23] أنّ الاغترار بالظواهر والزخارف شان الجهلة, وأنّ المرء قد يدعو على نفسه وولده من حيث لا يدري. فهذه المرأة المرضع دعت على أبنها أن يكون جباراً من الجبابرة لانخداعها بهذا الرجل الراكب صاحب الشارة, حتى أنطق الله ولدها فنقض دعاء أمه (اللهم لا تجعلني مثله).

[24] أنّ الحق لا يدرك دائماً بقوة أهله وغلبتهم, بل يكون ذلك بحسب حالهم فقد تدور الدائرة – كما في زماننا – على أهل الحق فيكونون كهذه الأمَة يضربونها ويقولون (سرقتِ زنيتِ) ولم تفعل. وكم من مضروب هو خير من الضارب.

[25] أنّ العاقل البصير يؤثر رضى الله تعالى على رضى الناس, والسلامة عنده على السلامة عندهم ولذلك وفّق الله الغلام فقال (اجعلني مثلها) مع أنها مضروبة متهمة. ومطلب هذا الغلام أشبه بمطلب ولد المرأة التي تردّدت من أصحاب الأخدود فأمرها بالتقدُم وبشّرها بأنها على الحق كما ورد في صحيح مسلم.

وكأن في الحديث إشارة إلى أنّ الفاضل لا يسلم من التهمة. وهل سلم أحمد ومالك وأبو حنيفة فقهاء الأمّة؟ أم هل سلم أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم والنبيون من قبل؟؟ حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يرحم الله موسى لقد أُوذي بأكثر من هذا فصبر) [17]. بل ما سلم من السفهاء ربّ العالمين سبحانه وتعالى فنسبوا له الصاحبة والولد. ففي هذا عزاء للمظلومين. , وقال خبيب كما في البخاري:

ولست أبالي حين أقتل مسلما على أيّ جنب كان في الله مصرعي

[26] أن الوجوه علامات على القلوب، وأدلة على الحال والمآل، كما قال تعالى (سيماهم في وجوههم من أثر السجود)، (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذٍ باسرة تظنّ أن يفعل بها فاقرة)، (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه)، ولذلك كثيراً ما يوصف أهل العباد بحسن السمت والدّل، ويراد بذلك ما تورثهم الأعمال الصالحة من الأنوار لا سيما ساعات الأسحار فقول أم جريج: (حتى تريه وجوه المومسات) قول عالمة بأن الوجه يؤثر في الإنسان.

[27] أن النساء أشد الفتنة على العباد لا سيما المومسات اللاتي لا حياء لهنّ بل يدفعهن غرورهن حتى يصرِّحن بفتنة أهل العبادة، ولذلك تجد التنظيمات اليهودية كالماسونية وغيرها تدس سمومها في ضحاياها بالنساء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير