تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد بيَّن ابن مَنده، أنَّ القتال كفرٌ لا يبلغ به الشِّرك فقال (4):" ذِكْر على ما يدلُّ أنَّ مواجهة المسلم بالقتال أخاه كفرٌ لا يبلغ به الشِّرك والخروج من الإسلام " ثمَّ روى حديثاً عن أبي بَكْرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم- (5): " إذَا الْتَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَقَتَلَ صَاحِبَهُ، فَالْقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ في النَّارِ ".

فالحديث سمَّى القاتل والمقتول مسلمين، ولهذا ترجم ابن منده بقوله الّذي مرَّ آنفاً، وقريباً من هذا ترجم البُخاريُّ عند روايته هذا الحديث فقال (6): " باب وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فسمَّاهم المؤمنين ". ووضَّح ابن حجر (7) قائلاً: واستدل المؤلف أيضاً على أنَّ المؤمن إذا ارتكب معصيةً لا يكفر، بأنَّ الله تعالى أبقى عليه اسم المؤمن فقال: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِيْنَ اقْتَتَلُوا} وقال: {إ نَّمَا المُؤْمِنُونَ أُخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أخَوَيْكُمْ}.

وهذا كلُّه واضحٌ لمن كان له قلبٌ، أو ألقى السَّمْع وهو شهيدٌ.

المطلب الرَّابع:توهُّم تعارض الحديث مع عِصمة الأنبياء.

(1) المصدر السابق: 94.

(2) سورة المائده: 44.

(3) أخرجه الحاكم في " مستدركه ": 2/ 313 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه، ووافقه الذَّهبي.

(4) الإيمان: 2/ 565.

(5) المصدر السابق: 2/ 565 رقم (499) وأخرجه كذلك الإمام البُخاريُّ، الإيمان /وإن طائفتان من المؤمنين:1/ 13 وفي مواطن أُخرى، ومُسلمٌ،الفتن /إذا توجه المسلمان بسيفيهما: 4/ 2214 رقم (2888 مكرر)، وأبو داود الفتن والملاحم /النهي عن القتال في الفتنة: 4/ 103 رقم (4268)، والنَّسائيُّ،تحريم الدم /تحريم القتل:7/ 125، وابن ماجه، الفتن /إذا التقى المسلمان بسيفيهما:2/ 1311 رقم (3965) باختلاف في الّلفظ 0 وأحمد في " المسند ": 5/ 46 - 47، 48 باختلاف في ألفاظ الحديث 0 ورواه غيرهم كذلك.

(6) الصحيح: 1/ 13.

(7) فتح الباري: 1/ 85.

العِصمة لُغةً (1): مصدر عَصَمَ يَعْصِمُ، اكتسب ومنع ووقى.

أمَّا في الاصطلاح (2): فعصمة الأنبياء: حفظه إيَّاهم بما خصَّهم به من صفاء الجوهر ثمَّ بما أولاهم من الفضائل الجسميَّة والنَّفسِيَّة، ثمَّ بالنُّصرة وبتثبيت أقدامهم، ثمَّ بإنزال السَّكينة عليهم، وبحفظ قلوبهم وبالتَّوفيق 0

ولقد تعرَّض الرَّازي لتعريف العِصمة من خلال تعريف المعصوم فقال: (3):" المعصوم هو الّذي لا يُمَكِّنُه بالمعاصي، ومنهم من زعم أنَّه يكون متمكِّناً منه، والأولون منهم من زعم أنَّ المعصوم هو المختصُّ في بدنه أو في نفسه بخاصيَّةٍ تقتضي امتناع إقدامه على المعاصي ".

وقال (4) في شرح اختلاف النَّاس في العِصمة: " اعلم أنَّ الاختلاف في هذه المسأله واقعٌ في أربعة مواضع:

الأوّل: ما يتعلق بالاعتقاديَّة، واجتمعت الأُمَّة على أنَّ الأنبياء معصومون عن الكفر والبدعه إلا الفُضيليَّة من الخوارج (5) فإنَّهم يجوِّزون الكفر على الأنبياء-عليهم الصَّلاة والسَّلام- ....

الثَّاني: ما يتعلَّق بجميع الشَّرائع والأحكام من الله - تعالى - وأجمعوا على أنَّه لا يجوز عليهم التَّحريف والخيانه في هذا الباب لا بالعمد ولا بالسَّهو ....

الثَّالث: ما يتعلَّق بالفتوى، وأجمعوا على أنَّه لا يجوز تعمُّد الخطأ، فأمَّا على سبيل السَّهو فقد اختلفوا فيه.

الرَّابع: ما يتعلَّق بأفعالهم وأحوالهم. وقد ذكر الرَّازيُّ اختلافهم في هذه النُّقطة الأخيرة، فذكر أنَّ بعضهم جوَّز عليهم الإقدام على الكبائر، وبعضهم جوَّز عليهم تعمُّد الصَّغيرة دون الكبيرة بشرط ألاّ تكون مُنفِّرةً، وبعضهم لم يجوِّز عليهم تعمُّد الصَّغيرة.

(1) انظر: الفيروزأبادي - القاموس المحيط: 4/ 152.

(2) انظر: الرَّاغب الأصبهاني - المفردات: 504.

(3) مُحصِّل أفكار المتقدمين والمتأخرين:317 تحقيق: طه عبد الرؤوف سعيد، دار الكتاب العربي- بيروت، ط الأولى 1404 هـ / 1984 م.

(4) عصمة الأنبياء: 8 - 10 المكتبه الشرقيه - بغداد،ط الأولى 1990 م.

(5) في الأصل الخروج، وما أثْبتُّهُ هو الصَّواب كما في " مُحصِّل أفكار المتقدمين والمتأخرين ": 318.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير