أمَّا طريق عُقبة بن عامر فقد رواها: أحمد في " المسند ": 4/ 151، 155، والدَّارميُّ في " السنن ": 2/ 430، والفريابي في" فضائل القرآن":110 - 111 تحقيق:يوسف عثمان فضل الله جبريل،دار الرشد - الرياض ط الأولى 1409هـ/1989م،وأبو يَعْلى في "المسند": 2/ 307 رقم (1739) وابن شاهين "الترغيب ": ورقة 55 رقم (193) من نسخه مخطوطة مرقَّمة بخطِّ الشَّيخ عبد العزيز الغُماري، والطَّبرانيُّ في"المعجم الكبير": 17/ 265 رقم (850) ومدار حديث عُقبه على ابن لَهيعة، وهو ضعيفٌ، إلاّ أنَّ الرَّاوي عنه في بعض الرِّوايات عبد الله بن يزيد المُقرىء، وروايته تقوي الحديث إلاّ أنَّه لا يرتفع عن درجة الحسن بحالٍ.
أمَّا حديث عصمة فقد رواه الطَّبرانيُّ في "المعجم الكبير ": 17/ 169 - 170 رقم (498)، وابن عدي في " الكامل ": 6/ 2041 وفي إسناده الفضل بن المختار وهو ضعيف كما قال الهيثمي في " مجمع الزوائد ": 17/ 158.
(3) ورقة: 57 رقم 194 مخطوط.
(4) نظر: أبو يَعْلى - المسند: 2/ 307.
قال المَازِريُّ (1): فيحتمل أن يُشير إلى أنَّه أودعه قلبه وسهَّل عليه حفظه، وما في القلوب لا يُخشى عليه الذَّهاب بالغسل، ويُحتمل أن يُريد الإشارة إلى حفظه وبقائه على مرِّ الدَّهر فكنَّى عن هذا، بهذا الَّلفظ.
المطلب الثَّاني: تعارض الحديث مع الواقع.
والمراد من ذلك بحث تعارض الأحاديث مع أُمورٍ واقعيَّةٍ، بناءً على ما استقرت عليه الأُمور، فالتَّعارض لم يكن ابتداءً، وإنَّما حصل بعد أن استقرَّ الواقع أو أنَّ واقع قول الحديث كان يتعارض وصيغة الحديث.
ومن أمثلة ما تعارض الحديث فيه مع الواقع ما رواه البُخاريُّ (2) عن أبي هُريره عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم - قال: " لَو آمَنَ بِي عَشْرَةٌ مِنَ اليَهُودِ لآمَنَ بِي اليَهُودُ " والحال أنَّ الّذين آمنوا من اليهود أكثر من عشرةٍ، بل هم عشراتٌ عند التَّحقيق، ولقد استشكل هذا الحديث شُرَّاح الصَّحيح وغيرهم فقال الكِرْماني (3): " فإن قلت ما وجه صحَّة هذه المُلازمة وقد آمن من اليهود عشرةٌ وأكثر منها أضعافاً مضاعفةً، ولم يؤمن الجميع"؟ " قلت: لو للمضي معناه لو آمن في الزَّمان الماضي كقبل قدوم النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم - المدينة، أو عقب قدومه مثلاً عشرةٌ لتابعهم الكلُّ، لكن لم يؤمنوا حينئذٍ فلم يُتابعهم الكلُّ ".
وهذا الجواب عندي في غاية البُعد، وسأتعرَّض لأمثاله في الباب الرَّابع الّذي خصَّصته للنَّقد والمناقشات، عندما سأتكلَّم عن التَّأويل البعيد.
وقال ابن حجرٍ (4) بعد حكايته قول الكِرماني دون أن يسميه: " والّذي يظهر أنَّهم الَّذين كانوا حينئذٍ رؤساء في اليهود، ومن عداهم كان تبعاً لهم، فلم يُسلم منهم إلاّ القليل ".
وهذا الصَّنيع من الكِرماني، وابن حجر وغيرهما من العلماء الّذين التمسوا للحديث المحامل المختلفه إقرارٌ منهم بأنَّ ظاهر الحديث يتعارض مع الواقع الّذي يقضي بأنَّ الّذين أسلموا من اليهود أكثر من عشرةٍ.
(1) المعلم 3/ 393 طبعة تونس بتحقيق النَّيفر.
(2) الصحيح، كتاب مناقب الأنصار /52 إتيان اليهود النبي ?: 4/ 269، وأخرجه كذلك أحمد في " المسند " 2/ 346. وفي فردوس الأخبار للدَّيْلمي: 3/ 377 رقم (5146): لو آمن بي عشرةٌ من أحبار اليهود.
(3) شرح صحيح البخاري: 15/ 147.
(4) فتح الباري: 7/ 275.
ولقد أحصيت تراجم من أسلم من اليهود أثناء قراءتي في"الإصابة في تمييز الصَّحابة " فتحصَّل عندي (48) (1) يهوديَّاً أسلموا، وصف ابن حجرٍ ثمانيةً منهم بالحبر، ولعل العدد أكثر من هذا، إذ إنَّ في الصَّحابة عدداً ممن أسلم من اليهود ولم يُذكروا أو يُترجموا لأنَّ الصَّحابة المُترجمين في أوسع ديوانٍ لتراجمهم (2) لم يبلغوا عشرة ألآفٍ، هذا مع احتساب أصحاب الطَّبقتين الثَّالثة والرَّابعة - أي المشكوك في كونهم صحابة، أو من ادَّعوا الصُّحبة، أو قيل عنهم صحابةً خطأً-، وهو يبلغ عُشر عدد الصَّحابة الّذين مات عنهم رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إذ روى الخطيب (3) عن أبي زُرعة قوله: إنَّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: " قُبض عن مئة ألفٍ وأربعة عشر ألفاً من الصَّحابة ممَّن رُوي عنه وسُمِع منه. وروى الخطيب (4) عن أبي
¥