تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(3) لم أجد الحديث في المطبوع من " المعجم الكبير " فلعلّه في الأجزاء النَّاقصة من المطبوع، وقد أورده الهَيْثمي في " مجمع الزوائد ": 5/ 246 وعزاه للطَّبراني في الكبير عن رجلٍ من سُلَيمٍ، وقال: رجاله رجال الصَّحيح، وعمله هذا منتقدٌ إذ في الإسناد رجلٌ مبهمٌ، ولو جزمنا بأنَّ المبهم أبو الأعور السُّلمي لما جاز أن يقول أيضاً رجاله رجال الصَّحيح، لأنَّ أبا الأعور لا توجد له روايةٌ في الصَّحيحين أو أحدهما. وأخرجه أيضاً: ابن عساكر في " تاريخ دمشق ": 13/ 462 نسخٌ مصوَّرةٌ عن المخطوط المحفوظ بالمكتبة الظاهريَّة، والدَّيْلمي في " الفردوس ": 1/ 2/ 345 من طريق الطَّبراني وابن مندة في " المعرفة ": 1/ 62 / 2، كما أشار إلى ذلك الألباني في " السلسلة الصحيحة ": 3/ 252 رقم (1253) مكتبة دار المعارف - الرياض، ط الثانية 1407 هـ/ 1987 م.

فصيغة الحديث: " قد أصبح صعباً هبوطاً " تُشعر بأنَّ القائل يحكي عن حالٍ معيشةٍ وواقعٍ موجودٍ، ممَّا يتعارض مع الوقت الّذي قيل فيه الحديث إذ إنَّ السُّلطان والحاكم آنذاك كان النَّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - فكيف يُحذِّر من شيئٍ هو القائم به، وأمره بيده ?.

وقد يقول قائلٌ: لعلَّه أراد - صلّى الله عليه وسلّم - المستقبل من الزَّمن وهو ما تحقَّق بعد ذلك.

فالجواب: إنَّ هذا قد يكون ممكناً لو لم تكن الصِّيغة " قد أصبح " الّتي تفيد التَّحقيق، لا التَّوقع والاستقبال، كما لو كانت " قد يُصبح "، ولهذا فحَمْلُ الحديث على المستقبل أمرٌ مستبعدٌ لما تقتضيه الُّلغة، وهو مستبعدٌ كذلك لأنَّه من يُنافي الفصاحة والبلاغة النَّبويَّة الّتي خُصَّ بها -صلّى الله عليه وسلّم - والّتي يستطيع من خلالها أن يُبلِّغ المقصود بأسهل الكلمات، وأوجز العبارات، دون لبسٍ أو تداخُلٍ. فما المخرج إذاً من هذا التَّعارض الواضح الّذي اشتمل عليه الحديث؟.

ابتداءً يجب أنَّ ننظر في الحديث من حيث صحَّته وعدمها، ونحدِّد درجته بناءً على ذلك، ثمَّ ننظر فيما وراء ذلك من خطوات.

فالحديث كما أسلفت رواه الطَّبراني في " الكبير " ولم أقف على أسناده عنده، لعدم وقوفي على الحديث، إلاّ أنَّ صيغته أفصحت عن شيئٍ وبالذَّات قوله عن رجلٍ من سُليمٍ، وهذا يقتضي تضعيف هذا الإسناد.

وقد رواه بهذا الإسناد وكذلك ابن عساكر (1) فقال (2): " أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ثنا شجاع بن عليٍّ، ثنا عبد الله بن مندة، أنا علي بن محمد بن عقبة الكوفي ومحمد بن سعيد الأبيوردي قالا: نا محمد بن عبد الله بن سليمان، نا عُبيد بن يعيش، نا محمد بن فضيل، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن رجلٍ من سُليمٍ قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: " إيَّاكُمْ وَأبْوَابَ السُّلطَانِ ..... " الحديث.

(1) هو علي بن الحسن بن هبة الله، أبو القاسم بن عساكر، حافظٌ مُؤرِّخٌ رحَّالةٌ، له تصانيف بديعة من أهمِّهما تاريخه الكبير لمدينة دمشق، توفي سنة (571 هـ / 1176 م).

انظر ترجمته: الحموي - معجم الأُدباء: 13/ 73 - 87، وأبو شامة - الرَّوضتين. في تاريخ الدولتين: 1/ 10، 2/ 261، وابن خَلِّكان - وفيات الأعيان: 3/ 309 - 311 الذَّهبي - تذكرة الحفاظ: 4/ 1328 - 1334، وسير أعلام النبلاء: 20/ 554 - 571.

(2) تاريخ دمشق: 13/ 462.

فابن عساكر رواه عن رجلٍ من سُليمٍ، وقيل إنَّ الرَّجل هذا هو أبو الأعور لأنَّه رواه في ترجمة أبي الأعور، وها هنا مباحث:

أوّلاً: لو سلّمنا أنَّ الصَّحابي المبهم هو أبو الأعور، فإنَّ أبا الأعور هذا قد اختلف في صحبته، فلم يذكره البُخاريُّ (1) ضمن الصَّحابة،ونصَّ مُسلمٌ (2) وغيره (3) على صُحبته، وقال ابن أبي حاتم (4): أبو الأعور شاميٌّ أدرك الجاهليَّة وليست له صحبة، وذكره خليفة (5) في الطَّبقة الأولى من أهل الشَّام بعد أصحاب النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم - ورجَّح ابن حجرٍ صحبته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير