فالخلاصة أن إطلاق الشيخ مساعد أن الساق في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لا تحتمل إلا معنى واحدا وهو أنها صفة لله تعالى (ولا ندري هل يقصد صفة كالقدرة مثلا أو عينا من الأعيان غير أنه يطلق عنها اسم الصفة مجازا؟ فهذا يحتاج إلى بيان) فيه نظر كما بينت بنقل واحد، وإلا لو توسعنا في نقل ما جاء في شروح النووي وابن حجر مثلا، وفي تفاسير علماء أهل السنة لطال المقام في بيان نفس الحقيقة المثبتة أعلاه وهو أنه لم يقل منهم أحد بأن المراد بالساق المكشوفة صفة لله تعالى وأنها لا تحتمل غير ذلك من المعاني. وما أريد إلا النصح، لا الجدال والنقاش فيما لا يفيد فيه النقاش كثيرا.
ـ[محمد براء]ــــــــ[30 Sep 2008, 09:03 ص]ـ
السَّاقُ صفةٌ من صفات الذات الخبريَّة، ثابتةٌ لله تعالى بالكتاب وصريحِ السنة الصحيحية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((نقض أساس التقديس)) (ورقة 261) كما في كتاب صِفَاتُ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْوَارِدَةُ فِي الْكِتَابِ وَ السُّنَّةِ: ((الوجه السادس: أنه من أين في ظاهر القرآن [أنَّ] لله ساقاً وليس معه إلا قوله: ?يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ?، والصحابة قد تنازعوا في تفسير الآية؛ هل المراد به الكشف عن الشِّدَّة، أو المراد به أنه يكشف الرب عن ساقه؟ ولم تتنازع الصحابة والتابعون فيما يذكر من آياتِ الصفات إلا في هذه الآية؛ بخلاف قوله: ?لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ?، ?وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ?… ونحو ذلك؛ فإنه لم يتنازع فيها الصحابة والتابعون، وذلك أنه ليس في ظاهر القرآن أنَّ ذلك صفة لله تعالى؛ لأنه قال: ?يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ?، ولم يقل: عن ساق الله، ولا قال: يكشف الرب عن ساقه، وإنما ذكر ساقاً نكرة غير معرفة ولا مضافة، وهذا اللفظ بمجرده لا يدل على أنها ساق الله، والذين جعلوا ذلك من صفات الله تعالى أثبتوه بالحديث الصحيح المفسر للقرآن، وهو حديث أبي سعيد الخدري المخرج في ((الصحيحين))، الذي قال فيه ((فيكشف الرب عن ساقه))، وقد يقال: إنَّ ظاهر القرآن يدل على ذلك من جهة أنه أخبر أنه يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود، والسجود لا يصلح إلا لله، فعلم أنه هو الكاشف عن ساقه. وأيضاً فحمل ذلك على الشِّدَّة لا يصح، لأن المستعمل في الشِّدَّة أن يقال: كشف الله الشِّدَّة، أي: أزالها، كما قال: ?فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ?، وقال: ?فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ العَذَابَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ ?، وقال: ?وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ?، وإذا كان المعروف من ذلك في اللغة أن يقال: كشف الشِّدَّة؛ أي: أزالها؛ فلفظ الآية: ?يكشف عن ساق?، وهذا يراد به الإظهار والإبانة؛ كما قال: ?كشفنا عنهم? وأيضاً فهناك تحدث الشِّدَّة لا يزيلها، فلا يكشف الشِّدَّة يوم القيامة، لكن هذا الظاهر ليس ظاهراً من مجرد لفظة ?ساق?، بل بالتركيب والسياق وتدبر المعنى المقصود))
ـ[محمد براء]ــــــــ[30 Sep 2008, 09:16 ص]ـ
صرف اللفظ عن ظاهره بلا برهان لعب.
وكونه يحتمل معنى أو أكثر فالأخذ بالاحتمال الظاهر الراجح.
قال في المرتقى:
الاحتمال قابل الترجيح - والأخذ بالراجح لا المرجوح
وكون الإمام الخطابي رحمه الله تعالى أول صفة الساق فهذا لا يعني أنه وافق أهل التأويل في كل ما يذهبون إليه، وهناك فرق بين تأويله وتأويل أهل البدع .. وكتابه: الغنية عن الكلام وأهله شجى في حلوق المبتدعة.
قال الشيخ سلمان العلوان: "لا يخفى أن هناك فرقا بين إنسان جعل التأويل الباطل منهجا وطريقة يناضل ويجادل عليه، وبين عالم أخطا خطأ وزل زلة؛ فالأول جعل التأويل الفاسد عقيدة يسير عليها، ونبذ الكتاب والسنة وراء ظهره، ولم يرجع إلى فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين كي يعينو على فهم النصوص، ولم يتحر الصواب في الوصول إلى الحق، إنما لجأ في تحرير المسائل إلى فهوم علماء الكلام والضلال؛ كالجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، والمريسي، والرازي، وجهمي العصر الكوثري؛ فمثل هذا يلحق بأحد الطوائف المبتدعة أو المارقة، والثاني لا يرى التأويل الباطل ولا التحريف مطلقا، ويتوخى الحق، ويستعين على فهم الكتاب والسنة بعلوم السلف وفهومهم، ولكنه زل زلة، فأول آية أو حديثا؛ لشبهة قامت عنده: إما لضعف الحديث عنده، وإما لعدم فهمه للمسألة على وجهها، وإما لغير ذلك؛ ففي هذه الحالة خطؤه مغفور له، ولكن يجتنب خطؤه ويبين، ولا يتابع عليه؛ لأنه ليس كل من أخطأ يكون كافرا أو مبتدعا؛ فقد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان.
قال الذهبي في ((سير أعلام النبلاء)) في ترجمة ابن خزيمة (14/ 376): ((ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لإتباع الحق أهدرناه وبدعناه؛ لقل من يسلم من الأئمة معنا)).
وهذا ظاهر، وكلام علماء السلف يدل على ذلك.
فمن سوّى بين الأول والثاني؛ فقد جار في حكمه، ولم يعدل في قوله؛ فكيف يسوى بين رجلين: أحدهما: تحرى الحق والصواب، واجتهد في ذلك، مع حسن قصده، ولم يصبه؛ لشبهة قامت عنده. والآخر: نظر في كلام المتكلمين واتبعه، وأخذ يجادل عن الباطل، ونبذ نصوص الكتاب والسنة وراء ظهره؛ فالمعروف عنده الرد على علماء السلف وتسفيههم والطعن فيهم، وبيّن له الحق والصواب ولم يرجع، وأنكر أمورا معلومة من الدين بالضرورة، وكثر عثاره، وطال شقاقه وعناده، وكثر تحريفه للنصوص وجداله، ويسب علماء السلف وخيار هذه الأمة، ويسمي التوحيد شركا والشرك توحيدا؟!
فمن سوى بين من كانت هذه حاله وبين الأول؛ فقد أبعد النجعة، وقفا ما لا علم له به، وخالف الكتاب والسنة، وما عليه سلف الأمة وأئمتها ".
¥