تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[04 Oct 2008, 08:08 م]ـ

و أخذ عنه جماعةٌ لا تُعَدُّ، و درسوا عليه أصول الفقه، و الكلام، و تخرج به جمع لا يُحصَوْن ...

و ممّا ضاعف في انتشار مذهب الأشعريِّ: انتصابُ أبي ذر الهرويِّ للتحديث و التدريس بالمسجد الحرام؛ فأخذ عنه خلقٌ من الحُجَّاج و الطلبة؛ من المغاربة و غيرهم

= و لذلك وقف الأئمّة موقفا شديداً من المبتدعة، لا رجعة فيه و لا تردّد؛ صيانة لرأس مال الأمّة (عقيدتِها و منهجِها)، و حمايةً لعقولها، و حراسةً لإيمانها، أن يَجْتاله و يَغْتاله أهل الأهواء و الشبهات=و صمَّموا – لذلك – من التحذير من الباقلاني و أمثاله.

و ممّن أبلى في هذا الشأن بلاءً حسنا، و جاهد في ذلك و ما وَنَا، الإمام الأثري، أبو حامدٍ أحمدُ بن أبي طاهر الإسفرايينيُّ (344 - 406).

قال الإمامُ السُّنِّيُّ الأثريُّ، أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكَرَجي في كتابه النافع الماتع النَّفيس " الفصول في الأصول، عن الأئمّة الفحول؛ إلزاماً لذوي البدع و الفضول ": " سمعتُ الإمام أبا منصور محمد بن أحمد يقول: سمعت الإمام أبا بكر عبد الله ابنَ أحمد يقول: سمعتُ الشيخ أبا حامد الإسفرايينيَّ يقول: مذهبي، و مذهب الشافعي، و فقهاء الأمصار: أن [القرآن] كلام الله، غير مخلوق، و من قال: مخلوق؛ فهو كافر ... عليه لعائن الله، و الملائكةِ، و الناس أجمعين ".

قال أبو الحسن الكرجي: " و كان الشيخ أبو حامد شديدَ الإنكار على الباقلاني، و أصحاب الكلام.

[قال]: و لم يزل الأئمّة الشافعية يأنفون و يستنكفون أن يُنْسَبُوا إلى الأشعري، و يتبرَّؤون مِمَّا بنى الأشعريُّ مذهبه عليه، و يَنْهَوْن أصحابهم و أحبابهم عن الحَوْم حَوَالَيْه – على ما سمعتُ عِدَّةً من المشايخ و الأئمّة؛ منهم: الحافظ المؤْتمن ابن أحمد بن علي الساجي، يقولون: سمعنا جماعةً من المشايخ الثقات؛ قالوا: كان الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايينيُّ إمامُ الأئمَّة، الذي طبق الأرض علماً و أصحاباً، إذا سعى إلى الجمعة من قطيعة الكَرْخ، إلى جامع المنصور، يدخل الرباط المعروف بالروزي، المحاذي للجامع، و يُقْبِل على مَن حضر، و يقول: اشهدوا عليَّ بأنّ القرآن كلام الله غير مخلوق، كما قاله أحمد بن حنبل، لا كما يقوله الباقلاني – و تكرَّر ذلك منه في جُمُعات، فقيل له في ذلك، فقال: حتى ينتشر في الناس، و في أهل الصلاح، و يشيع الخبر في البلاد: أنّي بريءٌ ممّا هُمْ عليه – يعني الأشعرية – و بريءٌ من مذهب أبي بكر الباقلاني، فإن جماعة من المتفقّهة الغرباء يدخلون على الباقلاني خُفْيةً، فيقرؤون عليه؛ فيُفْتَنُون بمذهبه = فإذا رجعوا إلى بلادهم: أظهروا بدعتهم، لا محالة؛ فيظنّ ظانُّ أنّهم منّي تعلَّموه، و أنا قُلْتُه، و أنا بريءٌ من مذهب الباقلاني و عقيدتِه ".

قال أبو الحسن: " و سمعتُ شيخي الإمام أبا منصور الفقيه الأصبهاني يقول: سمعتُ شيخنا الإمام أبا بكر الراذقاني يقول: كنت في درس الشيخ أبي حامد الإسفراييني، و كان ينهى أصحابه عن الكلام، و عن الدخول على الباقلاني، فبلغه أن نَفَراً مِن أصحابه يدخلون عليه خُفْيةً؛ لقراءة الكلام؛ فظنَّ أنّي معهم و منهم – و ذكر قصة في آخرها -: إن الشيخ أبا حامد قال لي: يا بنيّ! بلغني أنك تدخل على هذا الرجل – يعني: الباقلاني -؛ فإيّاك و إيّاه=فإنّه مبتدع، يدعو الناس إلى الضلالة، و إلاّ؛ فلا تحضر مجلسي. فقلتُ: أنا عائذٌ بالله ممّا قيل، و تائب إليه، و اشهدوا عليّ أنّي لا أدخل عليه "'.

قال الكرجي: و سمعت الفقيه [الإمام] أبا منصور سعد بن علي العجلي يقول: سمعت عِدّةً من المشايخ و الأئمّة ببغداد – أظنُّ الشيخ أبا إسحاق الشيرازيَّ أحدَهم -؛ قالوا: كان أبو بكر الباقلاني يخرج إلى الحمَّام متبرقعا، خوفا من الشيخ أبي حامد الإسفراييني.

قال الكرجي: و أخبرني جماعة من الثقات كتابة – منهم القاضي أبو منصور اليعقوبي – عن الإمام عبد الله (??) بن محمد بن علي قال: سمعت [عبد الرحمن بن محمد بن الحسين] (1) يقول: وجدت أبا حامد الإسفرائيني، و أبا الطيب (2) الصعلوكي، و أبا بكر القفال المروزي (3)، و أبا منصور الحاكم (4)، على الإنكار على الكلام و أهلها ...

قال الكرجي: " و معروف شدّة الشيخ أبي حامد على أهل الكلام؛ حتّى ميَّز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري ... و به اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابَيْه» اللُّمَع «و» التبصرة «، حتّى لو وافق قولُ الأشعريِّ وجهاً لأصحابنا، ميَّزه، و قال: هو قول بعض أصحابنا، و به قالت الأشعرية – و لم يَعُدَّهم من أصحاب الشافعي – استنكفوا منهم، و من مذهبهم في أصول الفقه، فضلا عن أصول الدين ".


---

??)) هو أبو إسماعيل الهروي صاحب» ذم الكلام و أهله «.

(1) كذا في جميع نسخ» التسعينية «، و» ذم الكلام «4/ 406، و» جمع الجيوش و الدساكر «=
=ق 48/ أ، و» كشف الغطا «ق 12/ پ، و وقع في» درء التعارض «2/ 90:» سمعت أبا عبد الرحمن محمد بن الحسين «فظنّ شيخ الإسلام ابن تيمية أنّه السلمي، و اغتر بذلك الأستاذ محمد العجلان؛ فخالف جميع النسخ التي اعتمدها، و أثبت ما في» الدرء «و زعم أنّه الصواب! = فوقع في تحريف الصواب، و تصويب التحريف ... أنظر:» التسعينية «3/ 882 بتعليقه. و اعلم أن أبا عبد الرحمن السلمي النيسابوري توفي سنة 412 و لعبد الله بن محمد الهروي 16سنة، و قد جرت عادة الهروي على رواية أخبار السلمي بواسطة أصحاب السلمي؛ كطيب بن أحمد، و غيره؛ فتنبه و تأن.
(2) ستأتي ترجمته برقم: (16).
(3) ترجمته في البداية و النهاية 12/ 23 - 24.
(4) ستأتي ترجمته برقم: (19و 81).
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير