تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نحن نحتاج للتوقف عند هذه السورة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرأها كل يوم جمعة والمفترض أن نسأل أنفسنا ما الذي في هذه السورة حتى يأمرنا بقراءتها؟ لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أمرنا أن نقرأها كل جمعة إلا لأن فيها شيئاً ثم ربطت بموعظة الجمعة وهي تصلح حال الإنسان إذا استفاد من التوجيهات الموجودة فيها.

أول كلمة في السورة (الحمد) وهي مفتاح من مفاتيح السورة. إذا أردنا أن نصل لمحور السورة ومقصدها علينا أن نبحث في أول السورة لأنها تعطي مفتاحاً للسورة وكذلك نهاية السورة وإذا وجدنا الرابط بين بداية السورة ونهايتها قد نجد موضوع السورة الرئيس. وإذا كان هناك تكرار لبعض الألفاظ. سورة الكهف من السور السهلة لوجود القصص فيها والقصص من أسهل ما في القرآن لمعرفة الغرض منه. لو عملنا موازنة بين سورة الإسراء وسورة الكهف سنجد أن نصل بسرعة لموضوعات سورة الكهف بينما سورة الإسراء تحتاج إلى تأمل أكثر لمعرفة مقاصدها. في سورة الكهف أربع قصص ويمكننا أن نضع رابطاً بين هذه القصص الأربعة وهذا يعين على معرفة مقاصد السورة وموضوعاتها.

الكهف بدأت بالحمد إذن نحن أمام نعم يحمد الله سبحانه وتعالى عليها. هل هي نعمة الكتاب فقط أم أن كل ما ذكر في السورة يستحق الحمد. لو تأملنا السور التي بدأت بالحمد نجد أنها مليئة بالنعم. فهي إنزال القرآن وما اشتملت عليه هذه السورة من النعم الكثير، نعمة الدين، نعمة العلم، نعمة السلطان، نعمة القوة، نعم هائلة جداً لكن كيف نستثمرها كما استثمرت في السورة صارت وبالاً والقصص الأربع التي وردت في السورة كانت ثمرتها في النهاية حسنة. ولكن في قصة واحدة اختلف الأمر وهذا من الواقعية في هذا الأمر. القضايا كلها نجحت بمنهج محدد ولكن لو اختلف المنهج فإن هناك صورة أخرى أو قصة أخرى أو حدث آخر يمثل هذا وهي قضية صاحب الجنتين. فلم تأت القصص كلها على نمط واحد وبنتيجة واحدة. إذن كلمة (الحمد) في افتتاحية السورة أعطتنا أننا أمام نِعم. ثم بعدها بشيء يسير ذكر تعالى (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا (7)) والزينة هي من النعم، لما ننظر للحياة الدنيا فهي كلها زينة المال والجمال والحياة الدينا كلها زينة ولكن ذكر لنا كلمة افتتاحية للسورة فالله تعالى ما أوجد هذه النهم لنا إلا (لِنَبْلُوَهُمْ) فيها قضية ابتلاء. لو قرأنا السورة وفي الذهن معنى الابتلاء نبحث عن مكان ورود الابتلاء وكيف ورد وما صور التصبير التي ذكرت معه سنجد كثيراً منها. ثم قال (أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) لم يقل أصلح عملاً أو أكثر عملاً إشارة إلى قضية حسن العمل المهم في النهاية حسن العمل وقد يكون هذا أن العمل ليس بالضرورة عمل عبادي وإنما حسن في منهجه ولذلك هؤلاء الفتية خرجوا إلى الكهف وتشاوروا بوضع قومهم وعزموا على خروجهم وتصرفهم الحسن بعد أن بعثوا (فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا (19)) هذا يدل على أن حسن العمل يكون في كل شيء وليس فقط في العبادة وإنما يكون في أمور الدنيا. وفي موضع آخر ذكر صلاح العمل وهذا مختلف لأنه نتيجة كل هذا التوجيه ذكر صلاح العمل.

العلاقة بين سورة الكهف وسورة الإسراء:

سورة الإسراء كلها توجيهات للنبي صلى الله عليه وسلم ولذا جاءت بضمير المخاطب له صلى الله عليه وسلم، حتى الأخلاق وجهت له مباشرة وإن كان الخطاب له فهو أيضاً لأمته. هذه السورة تظهر فيها شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وتهيئته للرسالة (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (105)) ثم تبدأ الكهف (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ). إنتهت سورة الإسراء بالحمد (الحمد لله) ثم بدأت الكهف بالحمد. بدأت سورة الإسراء بالتنزيه وانتهت بالتعظيم. حُمد فيها الله سبحانه وتعالى على وحدانيته في آخر آية ثم حُمد بإنزال هذا القرآن في سورة الكهف، فهذا القرآن هو الدليل الواضح لتوحيد الله سبحانه وتعالى. المؤسف الآن أنه لا يتم توجيه الناس لعقيدتهم من خلال القرآن وإنما فصلوا دروس العقيدة عن التفسير ونحن نتمنى أن ينطلق تدريس العقيدة من التفسير. العقيدة فيها تركيز على مفهوم الألوهية والربوبية بينما المنهج القرآن التركيز فيه على الربوبية أكثر خاصة في قصص الأنبياء بعضهم يركز أكثر من بعض،

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير