تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عليهم ولا الضالين. قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) هذه واضحة أنها للعبد ولذلك هذا يؤيد أن الآية الأخيرة هي المقسومة قسمين وهي السابعة وليست البسملة بناء على هذا الحديث لأنه بهذه الصورة يكون هناك تكافؤ واضح قسمت الصلاة بيني وبين عبدين قسمين إذن نصفها لله ونصفها للعبد ولا تكون كذلك إلا بهذه الصورة الثلاثة الأولى لله ثناء والثلاثة الأخيرة من العبد طلب والواسطة نصفين لله وللعبد. هذا الحديث نفسه هو الذي يفسر هذا الأمر وعلينا أن نستذكره عندما نقرأ السورة. ويذكر عن عمر بن عبد العزيز -وإن كان صحة هذا الأمر لم أتوصل إليه- إذا قرأ الآية توقف فقيل له لماذا تتوقف؟ قال لأسمع جواب ربي، لو قرأها القارئ وهو ينتظر رد الله سبحانه وتعالى سيكون وضعه مختلفاً، إذا قلت الحمد لله رب العالمين يقف ويستمع الله تعالى يقول حمدني عبدي، أي منزلة هذه!. بهذه الصورة الآن اتضح لنا تقسيم موضوعات السورة. لو أعدنا النظر فيها من بداية السورة وجدنا صور الثناء على الله سبحانه وتعالى المسلم يجب أن يوازي بين طلباته وما يريده وبين حق الله سبحانه وتعالى وأن طلباته ودعاءه لا يكون إلا بعد تعظيم الله وإجلاله، وهذا في الدعاء أولاً أثنينا على الله تعالى ثم حمدناه ومجدناه ثم نطلب منه فمهم جداً أن نستفيد من الفاتحة في هذه القضية. حتى في دعاء القنوت في التراويح نبدأ بالثناء والحمد ثم نطلب.

أول كلمة وردت في القرآن (الحمد لله رب العالمين) هذه كلمة مهمة جداً والسور التي بدأت بالحمد قليلة خمس مع الفاتحة ولو أننا تأملنا ما بداخل هذه السور لوجدنا أن كلمة الحمد مدخل لفهم ما بداخل السور، كل هذه السور فيها أنعام كثيرة تستحق الحمد. هذه السورة بما أنها بدأت بالحمد إذن المدخل لتعريف الناس برب العالمين هو فضائله ونعمه علينا وهذا أمر لا يستطيع حتى الكافر أن ينكره، تقول له مطر، اشجار، لكنه لا يعرف ما هو الرب ولكن نعرّفه بأوصاف هذا الربّ فإذا عرفها انتقل إلى إياك نعبد وإياك نستعين. في منهج تدريس العقائد توحيد الربوبية هو الذي بُدئ به في اول السورة (الحمد لله مالك يوم الدين) هذه دلائل عظيمة لا يستطيعها أحد من البشر ثم جاء التوجيه إلى توحيد الألوهية وإفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة فتعريف الخلق بربهم بهذه الطريقة هذا منهج في الفاتحة، هل نحن نفعله؟ ثم بعد ذلك ندعوه بعد ذلك نحذِّر من الطرق الملتوية، أتصور أن هذا منهج دعوي من خلال سورة الفاتحة.

نخرج من هذا الحديث في سورة الفاتحة بلفتات مهمة هي:

أن البسملة ليست من الفاتحة بناء على هذا الحديث (إذا قال الحمد لله رب العالمين) بدأ بالحمد.

آداب الدعاء المستقاة من سورة الفاتحة وأنه لا بد للمؤمن أن يقدم بين يدي دعائه الثناء على الله سبحانه وتعالى

النعم في سورة الفاتحة التي تقتضي الحمد

إذا كنا نقول أن الحمد يدل على النعم فما هي النعم الموجودة في الفاتحة؟

أول ملمح (رب العالمين) الربوبية رب العالمين ولله المثل الأعلى لما نقول رب البيت يعني يهتم بأمره ويقوم به ويعتني به ويدافع عنه، والله ربنا نستشعر أنه خالقنا ومدبرنا ونستشعر أن هذه نعمة للعالمين وليست فقط للبشر، والعالم كل ما سوى الله.

الأمر الثاني أنه قال (الرحمن الرحيم) نعمة أن يصف الله تعالى نفسه بهاتين الصفتين (رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما) هذه سعة في كلمة الرحمن.

الأمر الثالث في (مالك يوم الدين) المُلك قد يكون فيها تخويف

ثم بعدها (إياك نعبد وإياك نستعين) المطلوب عبادة الله والبعض يظن أن في العبودية مشقة إلا أنها في الحقيقة نعمة لأنك تخرج من عبوجية غير الله كالشيطان والنفس والهوى والمال إلى عبادة الله تعالى فلأن تعبد العظيم أفضل لك.

الاستعانة أنت محتاج إلى الله في كل وقت وحين.

الهداية وهذه هي المهمة لأن الإنسان لما يعيش في هذه الحياة أمر فطري فيه ولو أعطي المال من يعبد؟ يشعر أن هناك نقص في هذا الجانب ولذلك تجدهم يعبدون الشيطان ويعبدون البقر، لهم عقول لكن هذا شيء في فطرة الإنسان لا بد أن يلبيه. فكونك ما هُديت لهذا فهذا من أعظم المحن وكونك تهدى له هذا من أعظم المنح (إهدنا الصراط المستقيم)

ثم قال (صراط الذين أنعمت) فذكر النعمة، وهذه أعظم أنواع النعم، وليست نعمة البيت والسيارة والمال هي النعمة الأفضل وإنما نعمة الهداية هي المهمة.

إذا تتبعنا جوانب النعم التي يُحمد الله تعالى عليها في هذه السورة نجدها كثيرة جداً.

في قوله (إهدنا الصراط المستقيم) ذكر ابن القيم في كتابه (مدارج السالكين في منازل إياك نعبد وإياك نستعين) كان يتحدث عن هذه الآية في سورة الفاتحة (إياك نعبد وإياك نستعين) الآية المحورية في سورة الفاتحة هي (إهدنا الصراط المستقيم) وإن كانت (إياك نعبد وإياك نستعين) هي مقتضية لها، كيف تعبد الله سبحانه وتعالى إلا إذا كان هداك. (إهدنا) هذا الطلب الذين نسعى إليه نحن كبشر، ويأتي القرآن مباشرة في أول سورة البقرة (هدى) أن تطلب الهداية وهذه أول سورة تعطيك الهداية إلى آخر سورة. (إياك نعبد) تتحدث عن الجانب العبادي الذي يبحث عنه الإنسان ليعبد ربه سبحانه وتعالى (وإياك نستعين) جزء منها في العبادة وجزء منها من حاجيات الإنسان. والله عز وجل لما أعطى الإنسان في صورة أبينا آدم الخلافة في الأرض هذه عبادة، كيف يقوم بهذه العبادة العظمى في مهمة الخلاف في الأرض إلا بالهداية وبإعانة الله، ولذلك قالوا تبدأ العبادة في سورة الفاتحة والاستعانة تتفصل في سورة البقرة في القصص الكثيرة. لا يستطيع الإنسان أن يفعل شيئاً إذا لم يعينه الله سبحانه وتعالى.

سورة الفاتحة على الرغم أنها تتكرر أكثر من مرة وكم قرأنا تفسيراً لها إلا أننا كلما توقفنا معها وتدبرنا فيها نجد معاني جديدة أول مرة تمر علينا.

حسبنا في مثل هذا البرنامج القصير مثل هذه اللفتات التي اشار إليه د. عويض في هذه الوقفات السريعة مع سورة الفاتحة وأرجو أن نتوقف في كل حلقة وقفات سريعة مع كل سورة من سور القرآن الكريم لعلها تفتح نافذة لتدبر هذه السور في هذا الشهر المبارك وأيضاً لتكون هذه المعلومات المهمة التي اعتنى بها المفسرون لأنها مدخل مهم جداً لفهم السورة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير