تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سورة الفاتحة كونها جاءت في أول القرآن أولاً أنها سورة قصيرة في بداية سور طوال، ولذلك هي كالمفتاح أو كالفاتحة أو كالبادئة أو أن معانيها أشمل بكثير من هذه السور الطوال. فجاءت بالهداية العظمى المرادة من كل إنسان والمطلوب فيها (إهدنا الصراط المستقيم) وقبلها وصف لله سبحانه وتعالى أنه (رب العالمين) والمطلوب أن يهتدي الإنسان وأمامه ثلاث طرق إما أن يكون منعماً عليه وهو مهتدياً أو مغضوباً عليه أو ضال هذه أصناف الناس في كل تعاملاتهم مع الهداية فجاءت هذه لتبين الطريق للهداية والقرآن كله إيضاح طريق الهداية. يمكن أن نقول إن هذه السورة يمكن جمع موضوعها في قضية "نعمة الهداية" (أنعمت عليهم) و (إهدنا) نسأل كيف طريق الهداية؟ عبادة الله سبحانه وتعالى والاستعانة به ومعرفة أسمائه وصفاته هذه الطريق التي يوصل إليه وأيضاً الطريق الآخر المحذَّر منه ثم بعد ذلك تفصيلات الطريق نبدأ من سورة البقرة وننتهي بسورة الناس.

علاقة السورة بسورة الناس في آخر القرآن.

إذا وصلنا إلى سورة الناس نجد (قل أعوذ برب الناس) وهناك (الحمد لله رب العالمين) وكأن هذا القرآن ليس فقط هو للناس الذي أنزله رب العالمين وإنما الذي خوطب به هم الجنة والناس الموجودين في سورة الناس.

ذكر الدكتور محمد عبد الله دراز في سورة الفاتحة أنها بمثابة الاستدعاء الذي يقدم بين يدي الكتاب وأن سائر القرآن الكريم هو إجابة عن هذا الإستدعاء فلو سقطت سورة الفاتحة من القرآن الكريم لما كان له مبرر ولذلك يقول قوله سبحانه وتعالى (إهدنا الصراط المستقيم) كأنه هو الاستدعاء فجاء القرآن من أوله (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) إلى آخر سورة الناس، ذكر كلاماً جميلاً ويحتاج إلى تمحيص ويقول سورة الفاتحة هي السورة الوحيدة التي يتوجه الخطاب فيها من العبد إلى الرب في حين أن بقية القرآن الكريم من البقرة إلى الناس الخطاب متوجه من الربّ إلى العبد ولعل هذا يكون من أسرار تكرارها في كل ركعة وأنه لا تصح ركعة من الركوعات وحتى صلاة الجنازة إلا بقراءتها. هذا أمر يلفت النظر أولاً وجود الخطاب المباشر فيها وقد توجد في سور أخرى خطابات من البشر لربهم سبحانه وتعالى خاصة في سور النداء أو الدعاء لكن الخطاب هنا مختلف فهو على قصر السورة فيها خطاب من البشر إلى ربهم سبحانه وتعالى وجاء بصورة الجمع (إياك نعبد وإياك نستعين) مع أن سياق السورة كان بضمير الغائب المتمثل في افسم الظاهر (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم) السياق الذي تمشي عليه السورة هو الغائب ولم يقل إياه نعبد وإياه نستعين.

المحاور الأساسية في سورة الفاتحة:

لو حاولنا أن نطبق السورة على الحديث القدسي ونعرف ما للعبد وما لله رب العالمين بنصّ الحديث لكن مع تلميحات أخرى. يقول الله سبحانه وتعالى (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي) ونتفق أن الصلاة المذكورة هنا هي الفاتحة وتسميتها بالصلاة لها دلالة أنها لا تتم الصلاة إلا بها ولعظمها. (فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله تعالى: حمدني عبدي) واضح فيها الحمد ولعلنا نعود للألفاظ ولماذا بدئت السورة بالحمد، ثم قال بعد ذلك (وإذا قال؛ الرحمن الرحيم. قال الله تعالى؛ أثنى علي عبدي) فيها ثناء على الله سبحانه وتعالى، الله سبحانه وتعالى بيّن لنا أنه من أعظم ما اثني به عليه هو الرحمة ولذلك جانب الرحمة يظهر في السورة أكثر ونحن لا نجد شيئاً من التخويف والترهيب إلا في (مالك يوم الدين) و (غير المغضوب عليهم) وبقية السورة كلها خير كلها رحمة ورد الرحمن مرتين وتكررت الرحمة مرتين. ثم (وإذا قال مالك يوم الدين. قال: مجدني عبدي (وقال مرة: فوض إلي عبدي)) ولم يظهر فيها معنى الترهيب هنا وإنما معنى القدرة أن الملك لله، هذه ثلاثة. قلنا أن الفاتحة سبع آيات أخذنا ثلاثة الأولى كلها إما حمد أو ثناء أو تمجيد لله فكلها لله. ثم قال (إياك نعبد وإياك نستعين) هذه منتصف هذه بين الله عز وجل وبين العبد فقال (فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل) فالعبادة لله سبحانه وتعالى والاستعانة جزء منها لله سبحانه وتعالى وجزء يحتاج للعبد فهو يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يعينه. بعد ذلك (فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير