تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. سورة النساء سورة مدنية ونزلت في وقت كان بدء تأسيس المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة. ونحن نعرف أن أهداف السور أو محاورها، السورة المكية ركزت على أهداف ومحاور معينة والسور المدنية زادت عليها بعض المحاور والأهداف، فقضية الألوهية والتوحيد في المرحلة المكية مركز عليها جداً، قضية البعث بعد الموت هناك تركيز عليها ولا تخلو سورة مكية من هذه الجوانب، قضية النبوة والرسالة مركز عليها في المرحلة المكية، أمهات الأخلاق وأصول العبادات مثل الوصايا العشر في سورة الأنعام وفي سورة الإسراء وكلها سور مكية كان التركيز فيها على أمهات الأخلاق والارتفاع عن سفاسفها وأصول العبادات من غير تفصيل، هذه أربع محاور لا تخلو سورة مكية منها. في السور المدنية عندما بُديء بتأسيس المجتمع الإسلامي الأمة تحتاج إلى بناء فكان بناء المجتمع الإسلامي في المرحلة المدنية بالإضافة إلى البناء بالتشريعات التفصيلية في كل جوانب الحياة هنالك قضية صيانة المجتمع الإسلامي الصيانة من الأعداء المتربصين في داخل المجتمع الإسلامي مثل اليهود وأهل الذمة أو الذين بقوا على شِركهم والرسول صلى الله عليه وسلم عندما وضع دستور المدينة شّرك فيه كل طوائف المجتمع الموجودين في المدينة كما في الوثيقة المشهورة وهنالك المنافقون يخرِّبون فنحتاج إلى صيانة. المسلمون الصالحون لهم أخطاء يخطئون أحياناً فيحتاج المجتمع إلى ترميم وصيانة. فأهداف السور المدنية بالإضافة إلى قضية بناء المجتمع الإسلامي يحتاج إلى صيانة ترميم هذه الأشياء التي تقع من أهل الذِّمة، من المنافقين، من بعض المسلمين الذين تقع منهم أخطاء. الأمر الثالث حماية المجتمع الإسلامي من الخارج الأعداء المتربصين فكانت التشريعات التي تأتي في قضية علاقة الدولة مع الدول الأخرى في حالة السلم والحرب، قضية الجهاد، والمواثيق الدولية هذه كلها في المرحلة المدنية. إذن زيد على الأهداف الأربعة في المرحلة المكية ثلاثة أخرى البناء، الصيانة والحماية. سورة النساء تتعلق بقضية البناء والصيانة بشكل رائع ودقيق جداً.

محور سورة النساء رعاية المستضعفين في المجتمع الإسلامي ولنا على ذلك أدلة واضحة جداً تدل على هذا المحور: "رعاية المستضعفين في المجتمع الإسلامي":

أولاً إسم السورة:

النساء طبقة فيها نوع من الضعف "هُنّ عوانٌ عندكم" كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم وخاصة في الجاهلية كانت حقوقها مهضومة جداً ليس لها رأي لا في مستقبلها ولا في ملكه ولا حظ له بالإرث فتسمية السورة بسورة النساء هي دليل على أن القضايا الواردة في السورة تتعلق بالمستضعفين عامة وبالنساء خاصة كنموذج للضعفاء في المجتمع. ولذلك نجد أن افتتاحية السورة انصب الاهتمام فيها على طبقة النساء. الفئة الثانية التي تأتي بعد النساء في قضية الحقوق وعدم الالتفات لها قضية اليتامى لذا جاء التركيز في افتتاحية السورة على قضية اليتامى. هنالك قضايا في مقاطع السورة تهتم بحقوق النساء وحقوق اليتامى بشكل كبير جداً وبشكل مركز. من جملة ما نستدل عليه من محاور السورة المناسبة بين الافتتاحية وخاتمة السورة، افتتاحية السورة تحدثت عن النساء واليتامى وخاتمة السورة تحدثت عن الكلالة والكلالة أضعف أنواع الورثة في الميراث، ليس بينهم فرع وارث ولا أصل وارث وإنما هم من الحواشي (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ (176)) الأخت حواشي ليست من الفروع ولا من الأصول، أقوى نوع من الورثة الفروع الإبن والبنت وإبن الإبن وبنت الإبن والأصول الأب والجد وما أعلى، فافتتحت السورة برعاية حقوق النساء واليتامى واختتمت السورة بقضية الكلالة والميراث وهم أضعف أنواع الورثة. إذن الافتتاحية والخاتمة تدلنا على قضية رعاية المستضعفين لأن محور السورة يدل على هذا الشيء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير