تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58)) و (قل) هذه في القرآن ينبغي لمن يقرأ القرآن أن يقف معها، إذا مرّ عليك في القرآن (قل) فانتبه لأنها لا تأتي إلا في أمور مهمة وقضايا كبرى والأمر الثاني أن ما بعدها ينبغي أن يعلم ويقال ولا بد أن تُعلم وتقال ولذلك من تأمل الآيات التي صدرت في (قل) في القرآن يجد أنها قضايا كبرى سواء في العقائد أو في الأمور التي جاءت بها الرسالة.

د. عبد الرحمن: هل يمكن أن نقول أن بدء السورة بـ (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ (1)) فيه إشارة إلى هذه النعم العظيمة التي سوف يأتي تفصيلها؟

هذه القضية تتعلق بمطلع السورة. وهي من السور الخمس التي ابتدئت بالحمد. الحمد كما هو معلوم هو الإخبار عن الله عز وجل بصفات الجلال والكمال يعني جميع أنواع المحامد مستحقة لله عز وجل فالمستحق للحمد بجميع أنواعه وصوره هو الله عز وجل والمستحق للحمد بجميع أنواعه هو الكامل والكامل هو المستحق للعبادة. فالبداية بالحمد لها أثر في النعم وقد ذكر بعض العلماء سراً في السور المبدوءة بالحمد يتعلق بالنعم لأن الحمد يتعلق بالنعم والمنعم هو الذي يستحق الحمد فلو نظرنا إلى النعم الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى ومنها نعمة الهداية لوجدنا أن منشأها الخلق والبقاء يعني تخلق ثم تبقى ثم انهالت عليك النعم، النِعم لا تأتي إلا بعد خلق وإيجاد، النعم كلها تعود للخلق والبقاء فالسور التي بدأت بالحمد ذكرت فيها هذه القضية قضية الخلق والبقاء سواء الخلق في الإيجاد الأول المتعلق بالدنيا أو الإيجاد الثاني أو الخلق الثاني فيما يتعلق بالآخرة وهذه ذكرت في الفاتحة ولذلك هي أم القرآن (الحمد لله رب العالمين) الخالِق الموجد، و (مالك يوم الدين) هو أيضاً مالك يوم الدين ويوجد يوم الدين ويبقي الناس فيه. في سورة الأنعام ذكرت هذه النعمة ابتداء (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ (2)) فقضية الخلق هي أساس النعم، ولذلك هذه القضية ذكرت في أول أمر بالعبادة في القرآن الكريم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) البقرة) فينبغي للإنسان أن يعرف ربه وأن يتذكر دائماً نعم الله عليه التي تبتدئ بنعمة الخلق العظيمة التي كثيراً ما تذكر في القرآن ولذلك بدأت هذه السورة بالحمد إخباراً بأن الله عز وجل هو المستحق للحمد سبحانه وتعالى. هذه مناسبة واضحة بين بداية السورة وبين موضوعها ومقصدها الأساسي.

وهناك مناسبة في أول السورة (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) الذي خلق السموات والأرض هو الخالق المستحق للعبادة والأنعام لأن من صور ضلالات المشركين في الأنعام أنهم قسّموها جعلوا منها نصيباً لشركائهم وآلهتهم ونصيباً لله وهذا من الشرك والسفه لأن الله هو خالق هذه الأنعام وهو المتفضل بها ولذلك قال في أول السورة (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) يجعلون لغيره نصيباً مما لا يستحقه إلا هو عز وجل

د. عبد الرحمن: ما علاقة قصة إبراهيم عليه السلام بمقصد السورة؟

تبدأ قصة إبراهيم من قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) هذه قضية تقرير الألوهية، فقبل أن تقر قضية العبادة لله عز وجل يُبدأ بالتخلية نبذ الشرك وتسفيه أهله (أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً) ما مبرر إتخاذ هذه الأصنام آلهة؟ ماذا صنعت؟ ماذا تملك؟ ولذلك قال في سورة الأنبياء (قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير