تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذه السورة سورة الأعراف تعالج أيضاً قضية العقيدة كما عالجتها سورة الأنعام لكن بوسيلة أخرى وهذا من طرائق القرآن وتفننه في عرض موضوعاته يعرض الموضوع الواحد بعدة أساليب وطرق. كانت سورة الأنعام تؤكز على هذا الموضوع من حيث هو ذكرت قواعد التوحيد وبينت شبه الكفار وضلالاتهم وقررت سفه العرب حتى أن ابن عباس قال من أراد أن يعرف سفه العرب فليقرأ الآيات فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام. هذه السورة عالجت جانب العقيدة من جانب آخر وهو السرد التاريخي لهذه العقيدة منذ أن خلق الله عز وجل آدم وزوجه حواء في الجنة ثم نزولهما بعد ذلك ثم ما حصل بين آدم وحواء من جهة والشيطان من جهة أخرى ثم قصص المرسلين من نوح عليه السلام مع قومه ثم هود مع قومه وصالح مع قومه وموسى وقد فصلت هذه السورة قصة موسى تفصيلاً قد لا يوجد في غير هذه السورة بمثل هذا التفصيل فذكرت العقيدة من حيث تاريخ العقيدة وذكرت الصراع بين الحق والباطل وصراع بين أهل الخير وأهل الشر وبيان أن العاقبة للمتقين الذين قاموا بهذه العقيدة وحققوها وعبدوا الله عز وجل وحده وأن العاقبة لهم وأن العذاب يكون للمخالفين المكذبين وهذا واضح في هذه السورة.

ثم إن القضية الأولى في العقيدة هي قضية الألوهية والعبودية لله عز وجل أو ما يسمى بتوحيد العبادة وهذا واضح في هذه السورة حيث بينته هذه السورة في دعوة المرسلين إلى أقوامهم (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) وما من نبي إلا دعا إلى هذا التوحيد، فقضية التوحيد قضية العبادة ذكر في هذه السورة.

هناك أيضاً توحيد آخر وهو توحيد التشريع وهو نوع من الألوهية لله عز وجل توحيد الحُكم فقد بينت هذه السورة بأن التشريع لله عز وجل وأنكرت على الذين يحرّمون ما أحلّ الله أو يحلّون ما حرّم الله أو يبتدعون أشياء تخالف شرع الله أو يقولون على الله عز وجل بلا علم ولذلك ذُكِر القول على الله بلا علم مع المحرمات الكبار بل جُعل أعلاها حرمة (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (33)) ذكر بعض العلماء أن هذه الآية تدرجت في ذكر المحرّمات الكبار من الأدنى إلى الأعلى فكان القول على الله بلا علم أعظم من الشرك لأن المشرك نفسه يجعل مع الله إلهاً آخر أي أنه يعظِّم الله ويجعل غير الله في منزلة الله تعالى الله عن ذلك، أما القائل على الله بلا علم اسوأ لأنه يجعل نفسه في منزلة مساوية لله وهذا مكمن الخطورة في القول على الله بلا علم لأن الذي يملك حق التشريع والتحريم هو الله عز وجل فمن قال على الله بلا علم أو حلل أو حرم من تلقاء نفسه فكأنه يجعل نفسه مضاهياً لله عز وجل وهذا من أعظم الظلم وأشنع الباطل ولذلك كان القول على الله بلا علم من أقبح القبائح وأشد المنكرات نسأل الله العافية والسلامة.

د. عبد الرحمن: هل يدخل في القول على الله بغير علم تفسير القرآن بغير علم والفتوى بغير علم؟

لا شك، خاصة في هذا حلال وهذا حرام أو الجزم أن هذا مراد الله عز وجل كذا وهو لا يعلم، يعني من تلقاء نفسه بدون أي علم سابق أو اطلاع على القواعد والمؤهلات التي لا بد منها حتى يقول في القرآن. فبعضهم يتجرأ ويقول على الله بغير علم ويقول إن مراد الله كذا حتى المفسرون الذين يفسرون كلام الله عز وجل إنما هم يبينون بقدر الطاقة البشرية ويقولون على وفق أصول وقواعد وضوابط وبعضهم لا يجزم في بعض الأمور المحتملة بأن هذا مراد الله لكن الجزم بأن مراد الله هذا وأنه عنى هذا قضية خطيرة جداً ينبغي على الإنسان أن يحذر منها وخاصة مع انتشار الجهل وقلة العلم فبعض الناس يتجرأ فيقول مراد الله كذا وأن هذا حلال وهذا حرام على غير دليل وعلى غير بينة. وأنكر تعالى على هؤلاء (قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (60) يونس) هذه مسألة كبيرة أيضاً جاء ذكرها في هذه السورة وهي من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير