تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

&ثم يأتي التطمين الذي يضخ الأمل في نفس النبي ج: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ... } فإذا كان الله معك، والملائكة معك فمم تخاف؟! والذي حمى لوطاً هو الذي سيحميك.

&ثم إن في ذكر قصة العقاب التي لا يعهد مثلها في الأمم نوعاً من التطمين أيضاً، فإن عقوبة الله إذا جاءت فلا يتصور أحدٌ كيف تأتي!

14.وفي قصة شعيب الأنبياء ج تلحظ ما يلي:

&لغة الاستهزاء واضحةٌ بينة قد يسمع النبي ج مثلها كثيراً: {يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}، ومع كونه فصيحاً بلغياً قيل له: {مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ}.

&رسالة كأنها تقول للنبي ج اجعلها شعارك، ولا تبال بالنتائج: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ} فدورك يا محمد الإصلاح، والدعوة أما النتائج فليست لك.

&ألمح في التنصيص على الرهط معنى يرتبط بالمحور: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} ففيها تذكير له ج بما سخّر الله له من نصرة عمه وبعض عصبته الذين تعصبوا له وكانوا معه في الشعب، فهذه نعمة ينبغي أن تكون منك على بال , فكيف تترك الدعوة وقد سخر الله لك أنصاراً على غير ملتك؟!

15. وفي قصة موسى التي ذكرت اختصاراً، لكن عقب عليها بما له ارتباط واضح بمحور السورة: وذلك في آيتين:

ـ الأولى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ} فمن تأمل هذا التعقيب وجده عظيم الارتباط بالآية التي ذكرتُ أن السورة تدور عليها.

ـ الثانية: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ} مع أنهم أهل كتاب، فما ظنك يا محمد بأناس ليس معهم كتاب وهم قومك؟ هم أولى بالاختلاف؟! وأيضاً: هو أوتي تسع آيات بينات ومع هذا لقي ما لقي.

16.وبعد هذا الحشد الكبير من القصص يأتي التعقيب بثلاث رسائل واضحة وصريحة، متصلة تمام الصلة بمحور السورة، وهي منارات يجب على كل داعية، وكل صاحب مشروع إصلاحي يستقي دعوته الإصلاحية من مشكاة الوحي أن يهتدي بها ويضعها نصب عينيه:

& {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}.

& {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.

& {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}.

17.وخاتمة المطاف يعود إلى الربط بالمحور الأول الذي ذكرناه: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ/ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ/ وَمَوْعِظَةٌ / وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.

والله تعالى أعلم بمراده

ونعوذ بالله من القول عليه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم

والحمد لله رب العالمين ...

ـ[عمر المقبل]ــــــــ[28 Aug 2010, 12:00 ص]ـ

أشرتم يا شيخ عمر في بداية حديثكم إلى أن بعض الباحثين جعل نزول السورة قريباً من حادثة وفاة خديجة رضي الله عنها و أبي طالب؛ فلعلك الشيخ يبين لنا من هذا الذي أشار إلى هذه المسألة حتى نطلع على حججه وأدلته، وجزاكم الله خيراً.

الذي أشار إلى ذلك هو فضيلة الشيخ (المربي بالقرآن): محمد الراوي، ولم يذكر لذلك مستنداً، وأظنه تابع في ذلك سيد قطب في "الظلال" ولم يذكروا على ذلك دليلاً بيّنا، ولهذا قلت: والله أعلم بصحة ذلك، والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير