د. عبد الرحمن: إذن هي موقع قوم صالح
د. الحكيم: وتسمى مدائن قوم صالح ولا يعرف لهذه السورة إسم آخر غير هذا الإسم.
د. عبد الرحمن: أين نزلت هذه السورة؟ ومتى نزلت؟
د. الحكيم: السورة مكية المشهور أنها سورة مكية وفي ترتيب نزولها عند بعض المفسرين يذكرون أنها نزلت بعد سورة يوسف وقبل سورة الأنعام. أما مرحلة نزولها فاختلف المفسرون في مرحلة من المرحلة المكية وهناك آية في هذه السورة تدل على تحديد شديد لمرحلة النزول وهي جاءت في آخر السورة في قوله تعالى (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ (94)) فالمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت دعوته في البداية سرًا ثلاث سنوات لما نزلت هذه الآية (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) فبدأت الدعوة جهرية وتعجب ابن عاشور رحمه الله في التحرير والتنوير من اختلاف المفسرين مع وجود هذه الآية في هذه السورة فقال فيها دلالة واضحة على أن مرحلة نزولها في السنة الرابعة من البعثة النبوية للنبي عليه الصلاة والسلام.
د. عبد الرحمن: وهذا دليل أنه يستطيع الناظر في القرآن الكريم أن يحدد أوقات نزول بعض السور من خلال استنباطه مثل هذا المعنى ففي قوله (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ) هذا دليل يستدل منه كل من يكتب في السيرة النبوية على أنها كانت هي التي دعت إلى الدعوة الجهرية في السنة الرابعة
د. عبد الحكيم: لكن السور ليس بالضرورة أن تكون نزلت دائمًا دفعة واحدة فلذلك بعض الأحيان تكون السورة مكية وفيها آيات مدنية فهذا يُشكل عليه. لكن بصفة عامة موضوع السورة السور المكية تكون غالباً في أساس الدين الحديث عن النبوة والحديث عن الرسالة والحديث عن البعث والحديث عن القرآن الكريم وهذا هو أساس هذه السورة كما هي السور المكية.
د. عبد الرحمن: ضوابط القرآن المكي كلها شبه متوفرة في هذه السورة
المحور الأساسي لسورة الحجر، عمود السورة
كما هو معروف أن موضوع السورة اجتهادي الإنسان يتأمل في إسم السورة ومرحلة النزول، يتأمل في التناسب بين مقاطع السورة وأسباب النزول الواردة في السورة وقد يلمح الموضوع وقد يكون غامضًا وقد يكون ظاهرًا والذي يظهر والله أعلم أنه يمكن أن نتناولها من موضوعين:
الموضوع الأول وهو المشهور والأوضح أنها تحذير من تكذيب النبي عليه الصلاة والسلام، تحذير لقريش، أول ما بدأ الدعوة الكفار كانوا يكذبون ويستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم فجاءت هذه السورة في التحذير من الاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبه وبيان أصل هذا التكذيب وأن أساسه من إبليس الذي أراد إغواء بني آدم ثم قصّ الله عز وجل من قصص الرسل والأنبياء الذين أقوامهم كذبوا المرسلين فأنزل الله عليهم العقوبات (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ (75)) إن كان الله تعالى يعاقب الأمم السابقة لما كذبت رسلها فمحمد صلى الله عليه وسلم مثلهم فقومه إن كذبوا به عاقبهم الله كما عاقب الأسبقين.
د. عبد الرحمن: إذن هذا المحور الأول أو الموضوع الذي يمكن أن يكون الموضوع الأساسي لها تحذير المكذبين بالنبي صلى الله عليه وسلم
د. عبد الحكيم: في أول السورة تحذير من الكفر وأن الإنسان في المستقبل يود لو أنه كان مسلمًا وذكر الله عز وجل استهزاءهم بالنبي صلى الله عليه وسلم (وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)) إستهزاء به، فذكر الله عز وجل (مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)) وطلبوا آيات فردّ الله تعالى عليهم (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ (15)) ثم ذكر الله عز وجل الآيات الدالة على قدرته وخلقه وأنه القادر على بعثهم وعلى بعث النبي صلى الله عليه وسلم رسولاً غليهم فالواجب عليهم أن يؤمنوا به. ثم ذكر الله عز وجل قصة الشيطان وعلاقته مع أبينا آدم وعداوته مع أبينا آدم فكأنه يستنهض هممهم أن لا يغويهم الشيطان كما أغوى الأمم السابقة وفي آخرها (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96)) فواضح التحذير من الاستهزاء والتكذيب وتهديدهم بالعقوبات التي وقعت على الأمم السابقة.
¥