تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الموضوع الثاني يمكن أن يؤخذ من إسم السورة "الحجر"، الحجر هو نوع من الحفظ. فقوم صالح أرادوا أن يحفظوا أرواحهم وبلادهم بهذا النوع من البنيان وهذا النحت من الجبال (وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82)) ولكن الله عز وجل حفظه هو الحفظ الذي لا يمكن أن ينفلت أو يضعف فأوقع الله بهم العقوبة وأخذتهم الصيحة فما نفع هذا البينان القوي الشديد الحامي من ظواهر المطر ومن الأشياء الخطيرة لكن صيحة واحدة أزهقت أرواحهم.

والحفظ في السورة واضح من أول السورة لما قال الله عز وجل (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)) حفظ القرآن الكريم، فالله عز وجل أنزل هذا القرآن وحفظه من التغيير والتبديل، من الزيادة والنقصان من التحريف (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) فصلت) عندنا حفظ الآيات، نصوص الآيات محفوظة لا تنقص ولا يُزاد فيها، عندنا نفس الايات تدل على حق أي واحد ينظر إلى هذه الآيات وتكون نظرته بلغة عربية وبذهن سليم قوي لمّاح سيجد المعنى وهذا المعنى لن يكون إلا صحيحًا صوابًا لا باطل فيه (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد) حفظ حسي وحفظ معنوي في ألفاظه. والأمر الآخر أن الله تعالى لما ذكر القرآن ذكر حفظ السماء (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (17)) وحفظ السماء من استراق السمع حفظ للقرآن الكريم وحفظ لوحي الله إلى ملائكته لأنه ما زال هناك وحي، لا زال هناك كُهّان يسترقون السمع وجِنّ، فالله عز وجل حفظ السماء من هؤلاء الشياطين. وذكر الله عز وجل قصة آدم عليه مع إبليس وقال (وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39)) فهذا ضلال وخطر عظيم وذكر الله أنه يحفظ من هذا الضلال العظيم عباده المخلَصين (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40)) المخلِصين أو المخلَصين قراءتان متواترتان، هذا الحفظ الثالث. كذلك ذكر الله قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وحفظ الله تعالى لله بأن أمدّه بالولد على كبر وبشّره وأرسل له الملائكة وجعله يضيّف الملائكة –هل هناك من يضيف الملائكة قبل إبراهيم عليه السلام؟ - فهذا نوع من الحفظ والكرامة. كذلك حفظ تلامذته وأقرباءه مثل لوط عليه السلام وهو ابن أخيه حفظه الله عز وجل (قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (58) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60)) وفي سورة أخرى قال (قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) العنكبوت) (لَنُنَجِّيَنَّهُ) هذا حفظ، حفظ الله إبراهيم وحفظ الله لوطًا وأهله وحفظ الله أيضًا شعيبًا في قوله سبحانه وتعالى (وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (78) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ (79)) انتقم الله منهم ونجى شعيبًا. (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)) أصحاب الحجر قوم لوط عاقبهم الله وأهلكهم وحفظ الله صالحًا ومن آمن معه.

د. عبد الرحمن: يبدو لي يا دكتور أن الله سبحانه وتعالى سماهم في هذا الموضوع بإسم الحجر إشارة أنهم كانوا يتخذون هذه البيوت في الجبال للحفظ والمنعة تماماً كما صنع اليهود (وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ (2) الحشر) فسماهم الله هنا الحجر لأنهم أرادوا بهذه البيوت الحفظ والامتناع ولكن الله أتاهم وأهلكهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير