تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. مصطفى: في كل موطن له حكمة وعبرة تؤخذ منها. أنا أريد أن أفصّل بعض الشيء في نسيان رسول الله صلى الله عليه وسلم. الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاء وفد قريش من اليهود وهم ملقنين بهذه الأسئلة جاؤوا إلى رسول الله أخبرنا عن الأمور الثلاثة فقال ائتوني غدًا أخبركم ونسي أن يقول إن شاء الله فتأخر الوحي كما في الروايات التي أكدت أسباب النزول بضعة عشر يومًا كل يوم يأتون إلى رسول الله يا محمد قلت غدًا ولم يأتنا جواب، الحقيقة هذا النسيان ترتب عليه أمور في غاية الأهمية:

أولا برهان ودليل على صدق رسول الله ونبوته بشكل غير مباشر لو كان القرآن من عند محمد لأعطاهم الجواب رأسًا ولم يحرج نفسه بقي بضعة عشر يومًا كل يوم يأتون يحرجونه ويصفقون ويضحكون حتى ضجت مكة محمد يقول ائتوني غدًا ومضت بضعة عشر يومًا ولم يعطينا الجواب، لو فكّر هؤلاء لماذا يحرج نفسه لو كان القرآن من كلام محمد وتأليفه كان يعطيهم الجواب! دليل برهاني غير مباشر لإفحاهم وبيان أن محمد يتلقى من ربه وليس له إلا قضية التلقي والتبليغ.

الأمر الثاني لو جاء الجواب مباشرة لمضى كأي سؤال يسألونك عن كذا جاء الجواب، أما عندما ارتجت مكة وهم ينتظرون ويصفقون ويضحكون ويستهزئون ويأتي الجواب القلوب والعقول كلها متعلقة بما هو هذا الجواب؟ فعندما يأتي الجواب في الوقت المناسب وإخواننا الإعلاميون يعملون هذا الشيء تجدهم أوقفوا المسلسل في موقف حرج يتطلع الناس لما بعده هذا أسلوب قرآني تشويقي.

والأمر الثالث تربية للأمة من خلال هذا النسيان أن يربطوا الأشياء دائمًا بمشيئة الله سبحانه وإرادته. تربية للأمة من خلال هذه الحادثة عندما نسير رسول الله أن يقول إن شاء الله (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24)). عندي لفتة صغيرة في قوله تعالى (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) يذكر بعض المفسرين يقول أحد العلماء ضاق به الأمر في بغداد فأراد أن يسافر من بغداد يسعى في مناكبها فمرّ على الفرّان فجاء إلى الفرّان يتزود من الخبز ومن أمور الطريق وجد الفرّان يتحدث مع جاره صاحب له جالس فيقول أحدهما للآخر أما رأيت الشيخ يقرر في المسجد قول ابن عباس (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) يقول لو واحد استثنى بعد مدة لم ينعقد يمينه ولا قوله ولا وعده، واحد حلف على شيء أو قال وعدًا لأحد إذا ما استثنى أن يستثني فيما بعد، بعد يوم يومين ثلاثة يقول إن شاء الله ما انعقد يمينه ولا انعقد وعده، فيقول له الآخر سبحان الله! وكيف يقول ابن عباس ذلك؟ لماذا لم يقل ربنا لأيوب عليه السلام (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ (44) ص) كان يقول استثني، لو أن الاستثناء جاء بعد المجلس وأثّر على ما جرى في المجلس ما عقدت لا بيعة لإمام ولا حلف لأحد فكيف يقول إبن عباس ذلك؟ فقال والله مدينة بلغ فيها العلم الفرّان وصاحبه يتحدثان بهذه المسائل يحرم علي الخروج منها. إذن ليست القضية الإنسان أن يقول إن شاء الله بعد ذلك إنما يذكر الله سبحانه وتعالى عندما يذكره لكن ليست قضية إستثناء وتأثير على اليمين أو غير ذلك.

د. عبد الرحمن: هذا فيما يتعلق بنسيان النبي صلى الله عليه وسلم.

د. مصطفى: نعم. نسيان الفتى (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)) أصل خروج موسى عليه السلام للرحلة سببه كما جاء في صحيح مسلم أن موسى عليه السلام وعظ بني إسرائيل موعظة ذرفت منها الدموع وشهقت الناس وتأثروا تأثرًا كبيرًا فعندما انتهى من الموعظة لحقه أحد بني إسرائيل وقال يا نبي الله هل يوجد على وجه الأرض أعلم منك؟ فقال لا، ونسي أن يقول الله أعلم، فالله سبحانه وتعالى أوحى إليه إن بمجمع البحرين عبدًا من عبادي إذهب إليه فهو أعلم منك وتعلم منه. مجريات القصة كلها وأمورها كلها ليبيّن أن الله سبحانه وتعالى يعطي العلم لمن أراد ويثبِّت العلم لمن أراد، ليس فقط أعطاه العلم وإنما تثبيته وعدم نسيانه. فتى موسى كلّفه موسى قال إحمل هذا المكتل وفيه هذا وأخبرني بما يجري على هذا الحوت قال ما كلفت شططا المكتل في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير