تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هجرتهم إلى الحبشة لأنهم هاجروا وهي معهم وهي من السور المتقدمة في النزول.

د. عبد الرحمن: لماذا الحديث عن بني إسرئيل بكثرة في السورة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يختلطوا باليهود إلا في المدينة؟

د. إبراهيم: سؤال في محله. نعلم أنه من أعظم أهداف السور المكية تقرير النبوة. العرب في جاهليتهم لا يعرفون حقيقة النبوة ولذا كانوا يطالبون بأن ينزل ملك فتأتي السور المكية لتقرر مبدأ النبوة وأنه من الممكن بل مما جرت به سُنّة الله سبحانه وتعالى بعث رسل. وتأمل هذا النص في سورة مريم عن يحيى عليه السلام (وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)) وهو صبي أوتي الحكم، وهذا المولود الذي في المهد يقول (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30))، ثم راعي الغنم موسى عليه السلام يبعث إلى فرعون وجبابرة مصر ثم الفتى إبراهيم عليه السلام (قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) الأنبياء) عندما خاطب قومه كان فتى يرسل إلى جبابرة العراق، فبلسان الحال تقول لهم هذه الآيات إذا كان هناك صبي يؤتى الحكم وهناك صبي في المهد يقول أنا نبي وهناك راعي غنم يبعث إلى جبابرة مصر وفتى يبعث إلى جبابرة العراق فما المانع أن يرسل لكم أيها العرب واحد من أوسطكم ومن خيركم ومن أفضلكم وعمره قد جاوز الأربعين فما وجه العجب؟!

محور سورة مريم:

أولًا قبل أن نأتي للمحور، السورة في الجملة طبعًا - وإلا الآيات مملوءة علمًا وحكما وفوائد- لكن في الجملة تدور على ثلاثة مواضيع رئيسة: التوحيد والنبوة والبعث، هي تقرر هذه الأمور الثلاثة. لكن المحور البارز التوحيد (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)) (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ (30)) (وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ (36)) (يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ (44)) (وأعتزلكم) فالتوحيد بارز في هذه السورة ولذلك يرى كثير من المفسرين أن المحور الذي تدور عليه السورة هو التوحيد. لكن لي وقفة لا نشك أن التوحيد موضوع بارز في السورة لكن إذا تدبرنا ألفاظ السورة ومعاني السورة وما حفّ بالسورة والكلمات التي تكررت في السورة فمن الممكن أن نقول أن المحور هو تقرير صفة الرحمة للرحمن، كيف؟ أولًا إسم الرحمن ورد في هذه السورة 16 مرة وهذا لم يرد في أي سورة من سور القرآن وهي عدد آياتها 98 والعجب أن إسم الرحمن لم يرد في القرآن كله إلا 58 مرة فإذا كان في سورة واحد ورد 16 مرة فمعناه أكثر من الربع من العدد تكرر في هذه السورة، هذا أولًأ. ثم إن لفظ الرحمة ورد في هذه السورة عدة مرات (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) (وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا (50)) فتكررت الرحمة في هذه السورة عدة مرات. ثم تجد رحمة الله بعبده زكريا رحمة الله بمريم رحمة الله بعيسى وبالأنبياء والأعجب أنه في آيات العذاب بل وأشد موقع ومكان لعذاب الله تذكر صفة الرحمة (يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)) الرحمن لا يعذّب إلا هالِك، الرحمن لا يعذب إلا من لا تنفع فيه كل الوسائل. ثم في موقف جهنم (ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)) تذكر صفة الرحمن في هذا الموقف! مما يدل على أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب إلا من لا يستحق الرحمة.

د. عبد الرحمن: إذن المحور التوحيد والتنزيه ويمكن أن يكون الرحمة وتقرير صفة الرحمة لله عز وجل، ألا يمكن أن نربط بين المحورين؟

د. إبراهيم: ممكن، أعظم ما يرحم به العبد التوحيد، إذا أراد الله لعبد رحمة رزقه التوحيد هذه أعظم نعمة.

د. عبد الرحمن: إذن أعظم ما تستجلب به رحمة الله هو التوحيد

د. إبراهيم: أعظم ما تستجلب به الرحمة هو التوحيد وأعظم نعمة على العبد التوحيد.

د. عبد الرحمن: في قصة زكريا عليه السلام يبرز فيها دعاء زكريا عليه السلام بأسلوب رائع ملفت للنظر يمكن أن نسميه آداب الدعاء في قصة زكريا، هل يمكن أن نتوقف عند هذه النقطة؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير