تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. أحمد: عندما قال (لِّلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ) وهنا ملحظ لطيف بأن الإنسان إذا كان شديد الخشية لله بالغيب فسيكون من باب أولى يخشاه في الشهادة لأن الغيب ما يرى فيه أحد ومع ذلك هو يخشى الله ويتقيه.

د. عبد الرحمن: ولذلك كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم "وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة"

د. أحمد: وكان يقول للناس "والله إن لأتقاكم لله وأشدكم له خشية". فعبادة الخشية من العبادات التي ينبغي أن يعتني بها المؤمن بل هي دلالة على قوة إيمانه كلما كان العبد قريبًا من ربه في الخلوة كلما ازداد إيمانه

د. عبد الرحمن: ذكر الله تعالى الأنبياء ثم قال في آخرها (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90))

د. أحمد: والخشوع يحمل معنى الخشية وحتى الملائكة عليهم السلام عندما ذكرهم الله ذكر عنهم بأنهم (بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)) فالملائكة والأنبياء وما هناك أحد هو أشرف شأنا بعدهم ومع ذلك هم أشد خشية فالعباد لا بد أن يكونوا أقرب خشية لربهم

د. عبد الرحمن: نسأل الله أن يجعلنا وإياك من المتصفين بالخشية. خاصة في هذه الليالي ونحن في الليالي العشر المباركة الناس مقبلون على العبادة والقلوب خاشعة فأقول في نفسي ليت الناس في سائر العام مثل هذه العشر خاصة أنه ذكر الله (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)) (وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)) غفلنا عن العبادة الشخصية، بعضنا حتى الفضلاء منا ينشغل بالدعوة على حساب عباداته الشخصية فيغفل التزود الذي لا يمكن أن تستطيع أن تواصل من غيره وهي العبادة. قصة إبراهيم في هذه السورة تحتاج إلى وقفة لقوله سبحانه وتعالى هنا (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ (51)) ثم ذكر مجادلته لأبيه وقومه

د. أحمد: هذه القصة مليئة بالوقفات لكن نأخذ منها بعض الوقفات التي تتناسب مع الوقت المتبقي. ذكر الله عز وجل حال هؤلاء الذين كانوا مع إبراهيم عندما يأتون إلى هذه الأصنام التي لا تعقل ويعبدونها ولما سألهم إبراهيم عن هذه العبادة قالوا (قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ (53)) وهنا أصل مهم جدًا وهو أن أفعال البشر ليست حجة ما لم يكونوا أنبياء ومرسلين مهما كان هؤلاء البشر وهذا ينطبق على أي أحد وأذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كان يقول "من كان مقتدٍ فليقتد بمن مات فإن الحيّ لا تؤمن عليه الفتنة" وهذا يقال عنه وعن غيره وهذا أصله موجود في القرآن فعبادة هؤلاء للأصنام لأن آباءهم كانوا كذلك هذا ليس بحجة.

وقفة أخرى أيضًا في قول إبراهيم (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا (63) فاسألوهم (64)) استوقفتني كلمة (كبيرهم) فوجدت أهل التفسير أيضا ما تركوا هذا فقالوا بأن هذا الوصف لا يتساوى مع التعظيم لأن التعظيم لا يكون للأمور التي حقّرها الله فلم يقل عظيمهم وإنما قال كبيرهم وإذا ذكر التعظيم فلا بد أن يذكر مضافًا لما عُظِّم له كما كان يكتب النبي صلى الله عليه وسلم للملوك فيقول عظيم الفرس، عظيم الروم لكن أن يطلق عظيم لما حقّره الله فهذا لا ينبغي ولهذا (قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا (59)) قال (كَبِيرُهُمْ) فوصفه بهذا الوصف لأنه في نظرهم أنه كبير. في قصص الأنبياء في السورة فيها لفتات إلى جانب الأدب الذين كانوا يتحلون به وهم يخاطبون الله جل وعلا وهم يسألون الله سواء إبراهيم قال في موضع آخر (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) الشعراء) فلم ينسب المرض لله وهنا أيوب يقول (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)) وزكريا يقول (رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89)) فكانوا يأتون بالسؤال بطريقة مليئة بالأدب الجمّ الذي تربى عليه هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

د. عبد الرحمن: وهذا هو موضع قدوة للمسلم في دعائه وفي عبادته أسأل الله أن يتقبل منك ما تفضلت به وأسأل الله أن يرزقنا الاقتداء بهؤلاء الأنبياء وأن يحشرنا في زمرتهم.

سؤال الحلقة

في الجزء الحادي والعشرين سورة اختتمت بذكر عاقبة من جاهد أعداء الله، والنفس، والشيطان، وصبر على الفتن والأذى في سبيل الله، فهؤلاء سيثبتهم الله على الصراط المستقيم، ويهديهم سبل الخير.

فما هي هذه السورة؟

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير