د. أحمد: هذه الآية عجيبة في معناها عندما يقول الله (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) كل مؤمن في هذه الحياة يبحث عن الرفعة والذكر معناه الرفعة في المقام وهو مطلب لكل أحد، ولذلك نحن في حياتنا المعتادة ما فينا إنسان يجب أن يكون ذليلًا لمخلوق أبدًا مهما كان هذا المخلوق ولو ذلّ أحد لمخلوق لذلّ له وقلبه يمتلئ بكراهيته بينما عندما نتعامل مع الخالق فكل الناس يذلون لله وقلوبهم تمتلئ بمحبته وهذا ليست إلا لله وهذه منتهى العبودية الحقة. فالعبد حين يعود للقرآن ويعمل ما فيه ويتأمله ويطبقه في أقواله وأفعاله تصيبه عزة ورفعة لن تكون إلا له حين يكون مع هذا القرآن. ولهذا كان أهل القرآن هم من أرفع الناس شأنًا عند الله فهم أهل الله وخاصته.
د. عبد الرحمن: وإن الله يرفع بهذا القرآن أقوامًا ويضع فيه آخرين
د. أحمد: فالمؤمن بحاجة أن يتنبه في هذا الجانب أنه مهما ابتغيت العزة والرفعة في غير هذا القرآن وغير ما جاء فيه فلن تجد. بل حتى ختام السورة (إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)) فهذا العبد الحق هو الذي جعل القرآن منهاجا له يرتفع به عند الله. ومن لم يكن القرآن كافيًا له وشافيًا له ومغنيًا له عما سواه فلن يجد شيئًا يغنيه عنه لأن هذا كلام الله جل وعلا.
د. عبد الرحمن: والعجيب أنه أحيانًا يقول بعضهم (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ (51) العنكبوت) القرآن الكريم أنا أقرأه لكن لا أجد الكفاية التي يذكرها الله سبحانه وتعالى هنا أو التي يذكرها العلماء فما وجه الاكتفاء بالقرآن الكريم؟ وهل يمكن الاكتفاء به بمجرد قرآءته؟
د. أحمد: نحن عندما ننظر في القرآن ونتأمل في معانيه فلا نجد القرآن يغلق علينا أن نسنتير بالأبواب الأخرى بل العكس القرآن هو الذي يفتح لك الطريق بأن تستفيد من الميادين الأخرى وتكون فيها زيادة ثراء ومعرفة لدى من يريد أن يتعلم. لكن نحن نقول بأنك عندما تجعل القرآن جانبًأ وتنحيه تمامًا عن حياتك وتعيش حياتك بدون هذا القرآن وتبتغي الرفعة فلن تصيبها. الله قال (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ (38) الأنعام) ليس هناك شيء ليس موجودًا فيه لكن فهمه من فهمه وعقله من عقله
د. عبد الرحمن: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (7)) يبدو أن الحاجة دائمًا متجددة للجميع سواء أن يقرأ ويبحث ويتعلم
د. أحمد: هذه جعلها العلماء أصل في أنه ينبغي للمؤمن أن يسأل في كل صغيرة وكبيرة في أصول الدين وفروعه أهل العلم وهذا نص صريح. ثم لاحظ التعبير كان لطيفًا وقال (أَهْلَ الذِّكْرِ) لأن صاحب الذكر هو ليس فقط الذي يعلم بل الذي يستطيع أن يتأمل ويصل إلى ما لا يستطيع أن يعرفه كل أحد. وهذه مسألة لطيفة.
د. عبد الرحمن: إرتباط الذكر بالعقل. لاحظت في السورة ثناء على التوراة أو ارتباط التوراة والقرآن في قوله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ (48))
د. أحمد: دائما في القرآن نجد أن التوراة تذكر مع القرآن بكثرة ويدل هذا على شرف هذا الكتاب لأنه كلام الله أصلًا لولا أنه حُرِّف فيما بعد. فذكره مع القرآن وذكره بأنه فرقان -وهذه ذكرت عن القرآن أيضا - وضياء وذكرى للمتقين يدل على شرف هذا الكتاب على أن له شرف وارتباطه بالقرآن أيضًا فيه إشارة إلى أن كثير مما في القرآن هو موجود في التوراة لكنها لو بقيت التوراة على ما أنزلها الله لكانت نافعة للناس قبل أن ينزل القرآن وحين نزل القرآن حتى لو كانت التوراة موجودة وعلى أصلها فلن يكون لها قيمة بجوار هذا القرآن لأنه هيمن على ما قبله.
د. عبد الرحمن: والعجيب أنه قال (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)) ثم تكلم عن القرآن فقال (وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (50)) فربط بينهما أيضًا حتى في سياق الحديث
¥